ومن هنا نستنتج قاعدة عامة تأتي في محلها ونستوفي البحث عنها - إن شاء الله تعالى - والمقام من صغرياتها، وهي:
إن أصالة الظهور لا تكون حجة إلا بعد الفحص واليأس عن القرينة.
أما بيان مقدار الفحص الواجب أهو الذي يوجب اليأس على نحو القطع بعدم القرينة، أو على نحو الظن الغالب والاطمئنان بعدمها؟ فذلك موكول إلى محله. والمختار كفاية الاطمئنان.
والذي يهون الخطب في هذه العصور المتأخرة أن علماءنا - قدس الله تعالى أرواحهم - قد بذلوا جهودهم على تعاقب العصور في جمع الأخبار وتبويبها والبحث عنها وتنقيحها في كتب الأخبار والفقه، حتى أن الفقيه أصبح الآن يسهل عليه الفحص عن القرائن بالرجوع إلى مظانها المهيأة، فإذا لم يجدها بعد الفحص يحصل له القطع غالبا بعدمها.
- 7 - تعقيب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده قد يرد عام ثم ترد بعده جملة فيها ضمير يرجع إلى بعض أفراد العام بقرينة خاصة. مثل قوله تعالى (2: 228): * (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء...) * إلى قوله: * (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) * فإن المطلقات عامة للرجعيات وغيرها، ولكن الضمير في " بعولتهن " يراد به خصوص الرجعيات. فمثل هذا الكلام يدور فيه الأمر بين مخالفتين للظاهر، إما:
1 - مخالفة ظهور العام في العموم، بأن يجعل مخصوصا بالبعض الذي يرجع إليه الضمير. وإما:
2 - مخالفة ظهور الضمير في رجوعه إلى ما تقدم عليه من المعنى