في قولك " عين وعين " أن تستعمل أحدهما في الباصرة والثانية في النابعة فكذلك ينبغي أن يجوز فيما هو بقوتهما، أعني " عينين ". وكذا الحال في الجمع.
والصحيح عندنا عدم الجواز في التثنية والجمع كالمفرد.
والدليل: أن التثنية والجمع وإن كانا موضوعين لإفادة التعدد، إلا أن ذلك من جهة وضع الهيئة في قبال وضع المادة، وهي - أي المادة - نفس لفظ المفرد الذي طرأت عليه التثنية والجمع. فإذا قيل: " عينان " - مثلا - فإن أريد من المادة خصوص الباصرة فالتعدد يكون فيها، أي فردان منها.
وإن أريد منها خصوص النابعة - مثلا - فالتعدد يكون بالقياس إليها. فلو أريد الباصرة والنابعة فلابد أن يراد التعدد من كل منهما، أي فرد (1) من الباصرة وفرد (2) من النابعة، لكنه مستلزم لاستعمال المادة في أكثر من معنى، وقد عرفت استحالته.
وأما أن التثنية والجمع في قوة تكرار الواحد فمعناه: أنها تدل على تكرار أفراد المعنى المراد من المادة، لا تكرار نفس المعنى المراد منها.
فلو أريد من استعمال التثنية أو الجمع فردان أو أفراد من طبيعتين أو طبائع متعددة لا يمكن ذلك أبدا، إلا أن يراد من المادة " المسمى بهذا اللفظ " على نحو المجاز، فتستعمل المادة في معنى واحد، وهو معنى " مسمى هذا اللفظ " وإن كان مجازا، نظير الأعلام الشخصية غير القابلة لعروض التعدد على مفاهيمها الجزئية إلا بتأويل المسمى. فإذا قيل: " محمدان " فمعناه فردان من المسمى بلفظ " محمد " فاستعملت المادة وهي لفظ " محمد " في مفهوم المسمى مجازا.