منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١٨
(الأول) - ان الحرف لا معنى له أصلا، بل جعل علامة على خصوصية المعنى في مدخوله، مثلا الدار لها اعتباران: (أحدهما) - اعتبارها في حد نفسها وأنها من الموجودات العينية المادية من مقولة الجوهر. وحينئذ يكون مدلولها ذلك البناء الخارجي. وبهذا الاعتبار - في نفسها - تدل على معناها من دون حاجة إلى أمر آخر.
(ثانيهما) - اعتبار خصوصية طارئة على هذا المعنى كظرفيتها لزيد مثلا. وفي هذا الاعتبار يحتاج إلى جعل علامة تدل على استفادة هذه الخصوصية منها. وذلك كالرفع في جعله علامة على استفادة الفاعلية من لفظ زيد، فكما ان الرفع ليس له معنى بل صرف علامة لفاعلية المرفوع، كذلك الحروف ليس لها معان سوى كونها علامات لخصوصيات مدخولها، وهذا القول منسوب إلى نجم الأئمة الشيخ الرضي. وفيه أنه لا شك في أن الألفاظ موضوعة لذوات المعاني، و تلك الخصوصيات - التي أشير إليها - خارجة عما وضعت الألفاظ لها.
وحينئذ إن كانت قرينة على إرادة تلك الخصوصيات من نفس الألفاظ لزمت المجازية في مثل تلك الاستعمالات. ولا أظن أحدا يلتزم به حتى القائل بهذا القول. وإن كانت الخصوصية مدلولة لنفس هذه الحروف، فهذا اعتراف بأن لها معاني، ورجوع عما قال. وأما الفاعلية التي هي عبارة عن النسبة الصدورية فهي مستفادة من هيئة الكلام و الجملة، فالقياس في غير محله.
(الثاني) - أنه لا فرق بين المعنى الاسمي والحرفي كل لمرادفه في أصل المعنى وجوهره لا في ناحية الموضوع له ولا في ناحية المستعمل فيه، بل كلمة من ولفظ الابتداء كلاهما موضوعان لمعنى واحد ومفهوم فارد، وهي الماهية المهملة التي - في حد نفسها - لا مستقلة ولا غير مستقلة، بمعنى أنه لم يجعل لحاظ كون المعنى آلة وحالة للغير جز للموضوع له ولا للمستعمل فيه في الحروف، كما أنه لم يجعل لحاظ الاستقلالية جز لأحدهما في الأسماء. وقد استدل - لعدم كون هذا اللحاظ جز لأحدهما في الحروف - بوجوه ثلاثة:
1 - أنه لو كان هذا اللحاظ جز لأحدهما في الحروف لزم أن يكون الموضوع له
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»