منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٣٥٢
التكليف بما لا يطاق وذلك من جهة ما بينا من تمامية الملاك في كلا المتزاحمين وانما يقيد إطلاق الامر بالمهم بعصيان الأهم بواسطة عدم القدرة على الجمع بينهما، وإلا لو كان يقدر على الجمع مثلا بين الإزالة والصلاة لكان عليه إتيانهما جميعا بدون تقييد كل واحد منهما (وبعبارة أخرى) إطلاقات الأدلة كاشفة عن وجود الملاك في متعلقات الأوامر مطلقا وبينا ان القدرة العقلية غير دخيلة في الملاك أصلا، فلو كان قادرا على الجمع لوجب ولكن المفروض ان المكلف عاجز عن الجمع والخطاب مشروط بالقدرة، فلا يمكن أن يكون الخطاب فيهما مطلقا لان لازمه الجمع وهو غير ممكن فلا بد اما من تقييد كليهما فينتج نتيجة التخيير، وذلك فيما إذا لم يكن لأحدهما مرجح في البين أو تقييد خصوص المرجوح فيما إذا كان. و هذا الأخير هو الترتب فنفس إطلاقات الأدلة الأولية بضميمة إمكان الامر الترتبي وعدم لزوم محذور منه كاف في إثباته.
ثم إن شيخنا الأستاذ (قده) ذكر تنبيهات للترتب نذكرها هاهنا:
(التنبيه الأول) في عدم صحة الترتب فيما إذا كان أحد التكليفين مشروطا بالقدرة العقلية والاخر بالقدرة الشرعية كما إذا كان عنده مقدار من الماء يكفي اما للوضوء واما لرفع العطش عمن هو مشرف على الهلاك بواسطة العطش، أو يدور الامر بين صرفه في الوضوء أو إعطائه للعيال الواجب النفقة فبناء على أن الوضوء مشروط بالقدرة الشرعية أي التمكن من الماء المستفاد هذا الاشتراط من اشتراط التيمم بفقدان الماء وعدم التمكن منه بقرينة المقابلة، وأن التفصيل قاطع للشركة فلا يجوز فيه الترتب وأن يكون الامر بالوضوء مقيدا بعصيان أمر الراجح أي الامر بإعطاء الماء للعطشان المشرف على الهلاك أو للعيال الواجب النفقة، لأنهما مشروطان بالقدرة العقلية و الوضوء مشروط بالقدرة الشرعية على الفرض. وقد تقدم أن المشروط بالقدرة العقلية مقدم على المشروط بالقدرة الشرعية. والسر في عدم مجئ الترتب في هذا القسم هو أن الوضوء - مثلا - يكون غير مقدور شرعا، لان الممتنع شرعا كالممتنع عقلا فلا
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»