الأخبار على عدم المؤاخذة على القصد.
نعم: يمكن أن يكون الجامع هو القصد مع الجري على طبقه، وبعبارة أخرى: القصد الذي يكون له مظهر، فإن هذا المعنى موجود في قسمي التجري، وبذلك يجمع بين الأخبار الدالة على عدم المؤاخذة على قصد السوء والأخبار الدالة على المؤاخذة بحمل الطائفة الأولى على القصد المجرد، والثانية على القصد الذي يكون له مظهر، ولكن الكلام حينئذ في الشاهد على هذا الجمع، فإنه بدون ذلك يكون من الجمع التبرعي الذي لا عبرة به، وليس في الأخبار ما يمكن أن يكون شاهدا على ذلك ومما ذكرنا يظهر ما في دعوى الإجماع في المقام، لا من جهة كون المسألة عقلية ولا عبرة بالإجماع في المسائل العقلية فان المسألة - على ما حررناها - تكون فقهية ومن المسائل الشرعية، بل لعدم الإجماع في المسألة، فإنه لم ينعقد الإجماع على حرمة القصد الذي يكون له مظهر ولا ادعاه أحد.
نعم: ادعى الإجماع في موردين: أحدهما: فيمن ظن ضيق الوقت و أخر الصلاة ثم تبين الخلاف وسعة الوقت، حيث ادعى الإجماع على عصيانه بتأخير الصلاة واستحقاقه العقاب، وذلك لا يكون إلا بناء على حرمة التجري. ثانيهما: فيمن سلك طريقا مظنون الضرر، حيث ادعى الإجماع أيضا على عصيانه ووجوب الإتمام عليه لكون سفره سفر معصية ولو انكشف عدم الضرر، وهذا أيضا لا يتم إلا بناء على حرمة التجري، هذا.
ولكن يمكن أن يقال: إن كلا من الموردين اللذين ادعى عليهما الإجماع خارج عما نحن فيه، وليس من موارد التجري.
أما في الأول: فلان خوف الضيق يكون تمام الموضوع لوجوب المبادرة بالصلاة شرعا (1) ويكون وجوب المبادرة حينئذ نفسيا لا طريقيا إرشاديا.