وعلى هذا فالعلم المأخوذ في الموضوع سواء كان جزء الموضوع أو تمام الموضوع إذا كان أخذه فيه من باب أنه فرد من الطريق والكاشف لا من باب أنه طريق خاص وكاشف مخصوص، ولا من باب كونه صفة خاصة تقوم الأمارات وبعض الأصول بدليل اعتبارها مقامه، وإن قال بعض بعدم قيام الأمارات والأصول مقام العلم المأخوذ في الموضوع مطلقا، وبعض بقيامها مقامه مطلقا، وبعض فصل بين كونه مأخوذا فيه على وجه الكاشفية فتقوم، وعلى وجه الصفتية فلا تقوم كما هو مختار الشيخ (1) (رحمه الله).
فتحصل أن القطع الطريقي لا إشكال في قيام الأمارات وبعض الأصول مقامه بنفس دليل اعتبارها، سواء كان مفاده تنزيل الأمارة منزلة العلم أو المؤدى منزلة الواقع ويترتب عليها ما يترتب على العلم من الآثار العقلية المترتبة عليه من تنجيز الواقع واستحقاق الثواب والعقاب على الموافقة والمخالفة. وأما القطع الموضوعي سواء كان تمام الموضوع أو جزئه فهل تقوم الأمارات وبعض الأصول المتقدمة بنفس دليل اعتبارها مقامه مطلقا، أو لا تقوم مطلقا، أو يفصل بين ما كان مأخوذا فيه على وجه الصفتية فلا تقوم، وما كان مأخوذا فيه على وجه الطريقية فتقوم، فالشيخ (2) (قدس سره) اختار التفصيل.
وفي الكفاية (3) اختار المنع واستشكل على الشيخ (رحمه الله) بأن دليل اعتبار الأمارة الدال على تنزيلها منزلة القطع لا يمكن أن يتكفل تنزيلها منزلة القطع من جهة كونه طريقا ومن جهة كونه موضوعا، لأن النظر إلى المنزل والمنزل عليه من الجهة الأولى آلي، ومن الجهة الثانية استقلالي، والجمع بينهما في استعمال واحد وإرادتهما من عبارة واحدة محال، لتضادهما.
نعم لو نزل الأمارة منزلة العلم طريقا بإنشاء مستقل ونزلها منزلته موضوعا