تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٢

____________________
قريبة منه.
وبذلك يسقط القول باشتراكه بينه وبين الندب كما عن ثاني الشهيدين، فإن الطلب الندبي لا يصدق عليه " الأمر " جدا مع انفهامه بل وانفهام غيره عرفا عند الإطلاق كما عرفت، فما عنه من الاحتجاج عليه تارة: بانقسام " الأمر " إلى الواجب والندب، وأخرى:
بأن المندوب طاعة والطاعة فعل المأمور به، فمردود عليه.
أما في وجهه الأول: بأنه لا يستلزم كونه حقيقة فيهما، إذ لو أريد أن الأمر الحقيقي ينقسم إليهما فغير مسلم، وإن أريد الأعم فغير نافع، مع أنه ينقسم إلى ما ليس بحقيقة فيه بالاتفاق كالتسخير والتعجيز ونحوهما.
والأولى أن يقال: بأن صحة التقسيم إنما تصلح دليلا على الحقيقة في القدر المشترك مع عدم نهوض ما يقضي بالتجوز في أحد القسمين، وقد عرفت نهوضه من وجوه شتى، فلابد حينئذ من صرف اللفظ عن ظاهره بحمله على إرادة التقسيم اللفظي كما لا يخفى.
وأما في وجهه الثاني بمنع كلية الكبرى إن أريد الأمر الحقيقي، فإن الطاعة إما فعل المندوب أو فعل المأمور به، ومنع فائدة أصل الاحتجاج إن أريد الأعم من الأمر الحقيقي.
فرجع الأمر بجميع ما حققناه من البداية إلى النهاية إلى أن يقال في تحديد الأمر: " بأنه طلب العالي من الداني فعلا على جهة الإلزام ".
ثم إن من الفضلاء من يظهر منه توهم اللزوم بين العلو والاستعلاء بعد ما عرف " الأمر " بما كان خاليا عن قيد " الاستعلاء " حيث قال:
" والحق أن اختصاص " الأمر " وضعا بالطلب الصادر عن العالي حقيقة أو ادعاء يوجب إظهار المستعمل وإفادته لعلو من يسنده إليه على المأمور، كما أن اختصاص الدعاء بطلب السافل من العالي يوجب عكس ذلك، واختصاص الالتماس بطلب أحد المتساويين في الرتبة من الآخر يوجب [إفادة] تساويهما في الرتبة، وعلى هذا فاختصاص " الأمر " بالعالي اختصاص وضعي " (1).
وكأنه ذهول عن أن " الأمر " كثيرا ما يسنده العالي إلى نفسه أو غيره إليه مع ذهوله عن علوه.
ولا ريب أن إظهار العلو وإفادته على المأمور مما لا يتعقل في تلك الصورة مع عدم كونه مصادما لصدقه العرفي أصلا كما مر غير مرة.

(1) الفصول: 63.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 13 16 18 21 22 26 28 31 37 39 ... » »»