القرآن وإعجازه العلمي - محمد اسماعيل إبراهيم - الصفحة ٥٧
وتترك آثارها فيه كما كانت عليه من حجم وهيئة وكيان في حياتها، وهذه هي الحفريات التي يعثر عليها علماء الجيولوجيا في بحثهم ودراستهم لطبقات الأرض، وهم يشبهون الصخور الرسوبية وما فيها من حفريات بأنها السطور التي كتبتها الأرض في سجل تاريخها الطويل الحافل بتطوراتها وتقلباتها، وهذا هو سفر التاريخ الأعظم الذي ما يزال علم الجيولوجيا يستمد منه الحقائق تلو الحقائق مع كل حفر وتعمق في البحث لاظهار معالم الحياة والاحياء في عهودها القديمة جدا، وهي عهود لها أزمان تقدر بآلاف الملايين من السنين ولا يعرف مددها إلا الله الأزلي الذي لا أول له ولا آخر.
الكون كتاب مفتوح لكل قارئ له ومتدبر فيه إن الأرض التي يعيش عليها الانسان وغيره من المخلوقات هي جزء ضئيل جدا في ملكوت الله، بل هي ذرة أول أو أقل في عالم الأكوان الذي هو مجموعات هائلة من مجرات هائلة ونجوم لا حصر لعددها ولا نهاية لامتدادها خلقها الله سبحانه بقدرته وإرادته، وأوجد فيها أنواعا شتى من مخلوقاته، ودبر أمورها تدبيرا محكما قائما على العدل والرحمة والاحسان والاتقان لأنه جل جلاله لم يخلقها عبثا بل أوجدها لحكمة عليا أرادها هي معرفة عباده له وواجب عبادته وحده.
وقد شاءت إرادة الله أن يجعل هذا الكون العجيب كتابا مفتوحا يقرأه كل من يتأمله ويتدبره بعين العقل والفكر والوجدان ليتضح أماما بصيرته ما فيه من روعة وجمال وبهاء وما أودعه الله في نظامه الدقيق من قوانين ونواميس تحكمه وتنظمه، وقد اجتهد في قراءة صحف هذا الكتاب الكوني علماء مفكرون وباحثون ملهمون وخبراء متخصصون استطاعوا مع طول الدرس والبحث أن يكشفوا في عصورنا الحديثة عن كثير من أسرار الكون في ضوء
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست