أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢١
والثانية: ذكر الله كثيرا، وقد دل عليها قوله تعالى: * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) *.
والثالثة: طاعة الله ورسوله، ويدل لها قوله تعالى: * (فإذآ أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف) *.
والرابعة: عدم التنازل والاعتصام والألفة، ويدل عليها قوله تعالى: * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) *.
ومن ذكر أسباب الهزيمة من رعب القلوب، وأسباب النصر من السكينة والطمأنينة، تعلم مدى تأثير الدعايات في الآونة الأخيرة. وما سمي بالحرب الباردة من كلام وإرجاف مما ينبغي الحذر منه أشد الحذر، وقد حذر الله تعالى منه في قوله تعالى: * (قد يعلم الله المعوقين منكم والقآئلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا) *: وقد حذر تعالى من السماع لهؤلاء في قوله تعالى: * (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولاوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين) *.
ولما اشتد الأمر على المسلمين في غزوة الأحزاب، وبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أن اليهود نقضوا عهدهم، أرسل إليهم صلى الله عليه وسلم من يستطلع خبرهم، وأوصاهم إن هم رأوا غدرا ألا يصرحوا بذلك، وأن يلحنوا له لحنا حفاظا على طمأنينة المسلمين، وإبعادا للإرجاف في صفوفهم.
كما بين تعالى أثر الدعاية الحسنة في قوله تعالى: * (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم) * وقد كان بالفعل لخروج جيش أسامة بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وعند تربص الأعراب كان له الأثر الكبير في إحباط نوايا المتربصين بالمسلمين، وقالوا: ما أنفذوا هذا البعث إلا وعندهم الجيوش الكافية والقوة اللازمة.
وما أجراه الله في غزوة بدر من هذا القبيل أكبر دليل عملي، إذ يقلل كل فريق في أعين الآخرين. كما قال تعالى: * (إذ يريكهم الله فى منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فى الا مر ولاكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور وإذ يريكموهم إذ التقيتم فى
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»