أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٣٠
قوله تعالى * (فإن استكبروا) * أي فإن تكبر الكفار عن توحيد الله، والسجود له وحده، وإخلاص العبادة له، فالذين عند ربك وهم الملائكة، يسبحون له بالليل، أي يعبدونه وينزهونه دائما ليلا ونهارا وهم لا يسأمون، أي لا يملون من عبادة ربهم، لاستلذاذهم لها وحلاوتها عندهم، مع خوفهم منه جل وعلا كما قال تعالى: * (ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته) *.
وقد دلت هذه الآية الكريمة من سورة فصلت على أمرين.
أحدهما: أن الله جل وعلا إن كفر به بعض خلقه، فإن بعضا آخر من خلقه يؤمنون به، ويطيعونه كما ينبغي، ويلازمون طاعته دائما بالليل والنهار.
والثاني منهما: أن الملائكة يسبحون الله ويطيعونه دائما لا يفترون عن ذلك.
وهذان الأمران اللذان دلت عليهما هذه الآية الكريمة، قد جاء كل منهما موضحا في غير هذا الموضع.
أما الأول منهما: فقد ذكره جل وعلا في قوله: * (فإن يكفر بها هاؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين) *.
وأما الثاني منهما: فقد أوضحه تعالى في آيات من كتابه كقوله تعالى في الأنبياء: * (وله من فى السماوات والا رض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون) * وقوله تعالى في آخر الأعراف * (إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون) * إلى غير ذلك من الآيات. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (وهم لا يسأمون) * أي لا يملون.
والسآمة الملل ومنه قول زهير: والسآمة الملل ومنه قول زهير:
* سئمت تكاليف الحياة ومن يعش * ثمانين حولا، لا أبا لك، يسأم * ومن ءاياته أنك ترى الا رض خاشعة فإذآ أنزلنا عليها المآء اهتزت وربت) *. هذه الآية الكريمة قد أوضحنا الكلام عليها، مع ما في معناها من الآيات، وبينا أن
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»