أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ١٤
جميعا ثم استوى إلى السمآء) *، هذه الآية تدل على أن خلق الأرض قبل خلق السماء، بدليل لفظة التي هي للترتيب والانفصال.
وكذلك آية حم السجدة، تدل أيضا على خلق الأرض قبل السماء، لأنه قال فيها: * (قل أءنكم لتكفرون بالذى خلق الا رض فى يومين) * إلى أن قال * (ثم استوى إلى السمآء وهى دخان) *.
مع أن آية النازعات تدل على أن دحو الأرض بعد خلق السماء، لأنه قال فيها * (أءنتم أشد خلقا أم السمآء بناها) *، ثم قال: * (والا رض بعد ذلك دحاها) *.
اعلم أولا أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن الجمع بين آية السجدة وآية النازعات، فأجاب بأن الله تعالى خلق الأرض أولا قبل السماء غير مدحوة، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعا في يومين، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وجعل فيها الرواسي والأنهار وغير ذلك.
فأصل خلق الأرض قبل خلق السماء، ودحوها بجبالها وأشجارها ونحو ذلك، بعد خلق السماء.
ويدل لهذا أنه قال: * (والا رض بعد ذلك دحاها) * ولم يقل خلقها ثم فسر دحوه إياها بقوله: * (أخرج منها مآءها ومرعاها) * وهذا الجمع الذي جمع به ابن عباس بين هاتين الآيتين واضح لا إشكال فيه. مفهوم من ظاهر القرآن العظيم إلا أنه يرد عليه إشكال من آية البقرة هذه.
وإيضاحه أن ابن عباس جمع بأن خلق الأرض قبل خلق السماء، ودحوها بما فيها بعد خلق السماء.
وفي هذه الآية التصريح بأن جميع ما في الأرض مخلوق قبل خلق السماء لأنه قال فيها * (هو الذى خلق لكم ما فى الا رض جميعا ثم استوى إلى السمآء) *.
وقد مكثت زمنا طويلا أفكر في حل هذا الإشكال حتى هداني الله إليه ذات يوم ففهمته من القرآن العظيم.
وإيضاحه: أن هذا الإشكال مرفوع من وجهين، كل منهما تدل عليه آية من القرآن.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»