تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ١٣٣
طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عبا سأنها نزلت في عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه حين اشترى بئر رومة وجعلها سقاية للناس وقيل إنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب وقيل نزلت في خبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة وجعلوا وجهه إلى المدينة فقال اللهم إن كان لي عندك خير فحول وجهي نحو قبلتك فحول لله تعالى وجهه نحوها فلم يستطع أحد أن يحوله بعد فتفسير النفس المذكور بأحد هؤلاء المذكورين كما نقل عن بعض من باب التمثيل وأن صورة السبب قطعية الدخول وينبغي أن يحمل قول ابن عباس في تلك النفس كما أخرجه عنه ابن مردويه هو النبي صلى الله عليه وسلم على نحو ذلك واشعرت الآية على بعض أوجهها بأن على بعض أوجهها بأن الأرواح مخلوقة قبل الأبدان ومقرها إذ ذاك في عالم الملكوت والخلاف في المسألة شهير وجمهور المتكلمين على أنها مخلوقة عند استعداد الأبدان لها وكذا أفلاطون وأصحابه وقرأ ابن عباس وعكرمة والضحاك ومجاهد وأبو جعفر وأبو صالح وأبو شيخ واليماني في عبدي على الأفراد واستظهر أن المراد الجنس كما في النفس. وللسادة الصوفية قدست نفوسهم كلام طويل في تقسيم مراتب النفس وقالوا إن الآية متضمنة لمراتب ثلاث منها المطمئنة والراضية والمرضية وفسروا كلا بما فسروه فمن أراده فليرجع إليه في كتبهم وأنا أقول كما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة على ما أخرج للطبراني وابن عساكر عن أبي إمامة رضي الله تعالى عنه اللهم إني أسألك نفسا مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك.
سورة البلد مكية في قول الجمهور بتمامها وقيل مدنية بتمامها وقيل مدنية إلا أربع آيات من أولها واعترض كلا القولين بأنه يأباها قوله تعالى * (بهذا البلد) * وقيل لقوة الاعتراض ادعى الزمخشري الاجماع على مكيتها وسيأتي إن شاء الله تعالى أن في بعض الأخبار ما هو ظاهر في نزول صدرها بمكة بعد الفتح وهي عشرون آية بلا خلاف ولما ذم سبحانه فيما قبلها من أحب المال وأكل التراث أكلا لما ولم يحض على طعامالمسكين ذكر جل وعلا فيها الخصال التي تطلب من صاحب المال من فك الرقبة وإطعام في يوم ذي مسغبة وكذا لما ذكر عز وجل النفس المطمئنة هناك ذكر سبحانه ههنا بعض ما يحصل به الاطمئنان فقال عز قائلا:
* (لا أقسم به‍اذا البلد) * * (لا أقسم بهذا البلد) * أقسم سبحانه بالبلد الحرام أعني مكة فإنه المراد بالمشار إليه بالإجماع وما عطف عليه على الإنسان خلق مغمورا في مكابدة المشاق ومعاناة الشدائد وقوله تعالى:
* (وأنت حل به‍اذا البلد) * * (وأنت حل بهذا البلد) * على ما اختاره في " الكشاف " اعتراض بين القسم وجوابه وفيه تحقيق مضمونه بذكر بعض المكابدة على نهج براعة الاستهلال وإدماج لسوء صنيع المشركين ليصرح بذمهم على أن الحل بمعنى المستحل بزنة المفعول الذي لا يحترم فكأنه قيل ومن المكابدة أن مثلك على عظم حرمته يستحل بهذا البلد الحرام ولا يحترم كما يستحل الصيد في غير الحرم عن شرحبيل بن سعد يحرمون أن يقتلوا به صيدا ويعضدوا شجره ويستحلون إخراجك وقتلك وفي تأكيد كون الإنسان في كبد بالقسم تثبيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث على أن يطأ من نفسه الكريمة على احتماله فإن ذلك قدر محتوم وجوز أن يكون الحل بمعنى الحلال ضد الحرام قال ابن عباس فيما أخرجه عنه ابن جرير وغيره وأنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به وأما غيرك فلا وقال مجاهد أحله لله تعالى له عليه الصلاة والسلام ساعة من نهار وقال سبحانه له ماصنعت فيه من شيء فأنت في حل
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»