تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٢٠
* (بل هم قوم طاغون) * إضراب عن أن التواصي جامعهم إلى أن الجامع لهم على ذلك القول مشاركتهم في الطغيان الحامل عليه.
* (فتول عنهم فمآ أنت بملوم) *.
* (فتول عنهم) * فأعرض عن جدالهم فقد كررت عليهم الدعوة ولم تأل جهدا في البيان فأبوا إلا إباءا وعنادا * (فما أنت بملوم) * على التوالي بعد ما بذلت المجهود وجاوزت في الا بلوغ كل حد معهود.
* (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) *.
* (أي الذين قدر الله تعالى إيمانهم، أو المؤمنين بالفعل فإنها تزيدهم بصيرة وقوة في اليقين، وفي البحر يدل ظاهر الآية على الموادعة وهي منسوخة بآية السيف، وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذرعن ابن عباس في قوله تعالى: * (فتول عنهم) * (الذاريات: 54) الخ، قال: أمره الله تعالى أن يتولى عنهم ليعذبهم وعذر محمدا صلى الله عليه وسلم ثم قال سبحانه: * (وذكر) * الخ فنسختها.
وأخرج ابن جرير. وابن أبي حاتم. والبيهقي في الشعب. والضياء في المختارة. وجماعة من طريق مجاهد عن علي كرم الله تعالى وجهه قال: لما نزلت * (فتول عنهم فما أنت بملوم) * (الذاريات: 54) لم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة إذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولى عنا فنزلت * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) * (الذاريات: 55) فطابت أنفسنا، وعن قتادة أنهم ظنوا أن الوحي قد انقطع وأن العذاب قد حضر فأنزل الله تعالى * (وذكر) * الخ.
* (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) *.
* (وما خلقت الجن والاإنس إلا ليعبدون) * استئناف مؤكد للأمر مقرر لمضمون تعليله فإن خلقهم لما ذكر سبحانه وتعالى مما يدعوه صلى الله عليه وسلم إلى تذكيرهم ويوجب عليهم التذكر والاتعاظ، ولعل تقديم الجن في الذكر لتقدم خلقهم على خلق الإنس في الوجود، والظاهر أن المراد من يقابلون بهم وبالملائكة عليهم السلام ولم يذكر هؤلاء قيل: لأن الأمر فيهم مسلم، أو لأن الآية سيقت لبيان صنيع المكذبين حيث تركوا عبادة الله تعالى وقد خلقوا لها؛ وهذا الترك مما لا يكون فيهم بل هم عباد مكرمون لا يستكبرون عن عبادته عز وجل، وقيل: لأنه صلى الله عليه وسلم ليس مبعوثا إليهم فليس ذكرهم في هذا الحكم مما يدعوه عليه الصلاة والسلام إلى تذكيرهم، وأنت تعلم أن الأصح عموم البعثة فالأولى ما قيل بدله لاستغنائهم عن التذكير والموعظة، وقيل: المراد بالجن ما يتناولهم ونه من الاستتار وهم مستترون عن الانس، وقيل: لا يصح ذكرهم في حيز الخلق لأنهم كالأرواح من عالم الأمر المقابل لعالم الخلق، وقد أشير إليهما بقوله تعالى: * (له الخلق والأمر) * (الأعراف: 54) ورد بقوله سبحانه: * (خالق كل شيء) * (الأنعام: 102) و * (له الخلق والأمر) * ليس كما ظن والعبادة غاية التذلل، والظاهر أن المراد بها ما كانت بالاختيار دون التي بالتسخير الثابتة لجميع المخلوقات وهي الدلالة المنبهة على كونها مخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم، ويعبر عنها بالسجود كما في قوله تعالى: * (والنجم والشجر يسجدان) * (الرحمان: 6) وأل في الجن والانس على المشهور للاستغراق، واللام قيل: للغاية والعبارة وإن لم تكن غاية مطلوبة من الخلق لقيام الدليل على أنه عز وجل لم يخلق الجن والإنس لاجلها أي لارادتها منهم إذ لو أرادها سبحانه منهم لم يتخلف ذلك لاستلزام
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»