تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ١٤٨
وأبو خليد. وابن عامر. وحمزة. والكسائي * (لنجزي) * بنون العظمة، وقرىء * (ليجزي) * بالياء والبناء للمفعول * (قوم) * بالرفع على أنه نائب الفاعل، وقرأ سيبة. وأبو جعفر بخلاف عنه كذلك إلا إنهما نصبا * (قوما) * وروي ذلك عن عاصم، واحتج به من يجوز نيابة الجار والمجرور عن الفاعل مع وجود المفعول الصريح فيقول: ضرب بسوط زيدا فبما كسبوا نائب الفاعل ههنا ولا يجيز ذلك الجمهور، وخرجت هذه القراءة على أن القائم مقام الفاعل ضمير المصدر أي ليجزي هو أي الجزاء. ورد بأنه لا يبقام مقماه عند وجود المفعول به أيضا على الصحيح، وأجازه الكوفيون على خلاف في الإطلاق والاستحسان أو على أنه ضمير المفعول الثاني وهو الجزاء بمعنى المجزي به كما في قوله تعالى: * (جزاؤهم عند ربهم جنات عدن) * (البينة: 8) وأضمر لدلالة السياق كما في قوله سبحانه: * (ولأبويه) * والمفعول الثاني في باب أعطى يقوم مقام الفاعل بلا خلاف وهذا من ذاك، وأبو البقاء اعتبر الخير بدل الجزاء المذكور أو على أن * (قوما) * منصوب بأعني أو جزي مضمرا لدلالة المجهول على أن ثم جازيا واختاره أبو حيان، و * (ليجزي) * حينئذ من باب يعطي ويمنع وحيل بين العير والنزوان فمعناه ليفعل الجزاء ويكون هناك جملتان.
* (من عمل ص‍الحا فلنفسه ومن أسآء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون) *.
* (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها) * لا يكاد يسري عمل إلى غير عامله * (ثم إلى ربكم) * مالك أموركم * (ترجعون) * فيجازيكم على أعمالكم حسبما تقتضيه الحكمة خيرا على الخير وشرا على الشر، والجملة مستأنفة لبيان كيفية الجزاء.
* (ولقد ءاتينا بنىإسراءيل الكت‍ابوالحكم والنبوة ورزقن‍اهم من الطيب‍ات وفضلن‍اهم على الع‍المين) *.
* (ولقد ءاتينا بني اسرائيل الكتاب) * وهو التوراة على أن التعريف للعهد، وجوز جعله للجنس ليشمل الزبور والإنجيل ولا يضر في ذلك كون الزبور أدعية ومناجاة والإنجيل أحكامه قليلة جدا ومعظم أحكام عيسى عليه السلام من التوراة لأن إيتاء الكاتب مطلقا منة * (والحكم) * القضاء وفصل الأمور بين الناس لأن الملك كان فيهم واختاره أبو حيان، أو الفقه في الدين ويقال: لم يتسع فقه الأحكام على نبي ما اتسع على لسان موسى عليه السلام، أو الحكم النظرية الأصلية والعملية الفرعية * (والنبوة) * حيث كثر فيهم الأنبياء عليهم السلام ما لم يكثر في غيرهم * (ورزقناهم من الطيبات) * المستلذات الحلال وبذلك تتم النعمة وذلك كالمن والسلوى * (وفضلناهم على العالمين) * حيث آتيناهم ما لم نؤت غيرهم من فلق البحر واظلال الغمام ونظائرهما فالمراد تفضيلهم على العالمين مطلقا من بعض الوجوع لا من كلها ولا من جهة المرتبة والثواب فلا ينافي ذلك تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلم عليهم من وجه آخر ومن جهة المرتبة والثواب، وقيل: المراد بالعالمين عالمو زمانهم.
* (وءاتين‍اهم بين‍ات من الامر فما اختلفوا إلا من بعد ما جآءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضى بينهم يوم القي‍امة فيما كانوا فيه يختلفون) *.
* (وءاتيناهم بينات من الأمر) * دلائل ظاهرة في أمر الدين فمن بمعنى في والبينات الدلائل ويندرج فيها معجزات موسى عليه السلام وبعضهم فسرها بها، وعن ابن عباس آيات من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وعلامات مبينة لصدقه عليه الصلاة والسلام ككونه يهاجر من مكة إلى يثرب ويكون أنصاره أهلها إلى غير ذلك مما ذكر في كتبهم * (فعمعا اختلفوا) * في ذلك الأمر * (إلا من بعد معا جاءهم العلم) * بحقيقة الحال فجعلوا ما ويجب زوال الخلاف موجبا لرسوخه * (بغيا بينهم) * عداوة وحسدا لا شكا فيه * (إن ربك يقضي بينهم يوم القي‍امة) * بالمؤاخذة والجزاء * (فيما كانوا يختلفون) * من أمر الدين.
* (ثم جعلن‍اك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع أهوآء الذين لا يعلمون) *.
* (ثم جعلناك على شريعة) * أي سنة وطريقة من شرعه إذا سنه ليسلك، وفي البحر الشريعة في كلام العرب الموضع الذي يرد منه الناس في الأنهار ونحوها
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»