تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٠ - الصفحة ٣٣
صلى الله عليه وسلم وهو عليه الصلاة والسلام المراد أيضا على قراءة الجمهور عند البعض، وإنما عبر بذلك تلطفا به صلى الله عليه وسلم حتى لا يوجه بالعتاب، ولذا قيل: إن ذاك على تقدير مضاف أي لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله تعالى الآتي: * (تريدون) * ولو قصد بخصوصه عليه الصلاة والسلام لقيل: تريد، ولأن الأمور الواقعة في القصة صدرت منهم لا منه صلى الله عليه وسلم وفيه نظر ظاهر، والظاهر أن المراد على قراءة الجمهور العموم ولا يبعد اعتباره على القراءة الأخرى أيضا وهو أبلغ لما فيه من بيان أن ما يذكر سنة مطردة فيما بين الأنبياء عليهم السلام، أي ما صح وما استقام لنبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أي ما صح وما استقام لنبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام * (أن يكون له أسرى) *. قرأ أبو عمرو. ويعقوب * (تكون) * بالتاء الفوقية اعتبارا لتأنيث الجمع، وعن أبي جعفر أنه قرأ أيضا * (أسارى) * قال أبو علي: وقراءة الجماعة أقيس لأن أسيرا فعيل بمعنى مفعول، والمطرد فيه جمعه على فعلى كجريح وجرحى وقتيل وقتلى، ولذا قالوا في جمعه على أسارى: إنه على تشبيه فعيل بفعلان ككسلان وكسالى، وهذا كما قالوا كسلى تشبيها لفعلان بفعيل ونسب ذلك إلى الخليل، وقال الأزهري: إنه جمع أسرى فيكون جمع الجمع، واختار ذلك الزجاج وقال: إن فعلى جمع لكل من أصيب في بدنه أو في عقله كمريض ومرضى وأحمق وحمقى * (حتى يثخن في الأرض) * أي يبالغ في القتل ويكثر منه حتى يذل الكفر ويقل حزبه ويعز الإسلام ويستولي أهله، وأصل معنى الثخانة الغلظ والكثافة في الأجسام ثم استعير للمبالغة في القتل والجراحة لأنها لمنعها من الحركة صيرته كالثخين الذي لا يسيل، وقيل: إن الاستعارة مبنية على تشبيه المبالغة المذكورة بالثخانة في أن في كل منهما شدة في الجملة، وذكر في الأرض للتعميم، وقرىء * (يثخن) * بالتشديد للمبالغة في المبالغة * (تريدون عرض الدنيا) * استئناف مسوق للعتاب، والعرض ما لا ثبات له ولو جسما. وفي الحديث " الدنيا عرض حاضر " أي لا ثبات لها، ومنه استعاروا العرض المقابل للجوهر، أي تريدون حطام الدنيا بأخذكم الفدية، وقرىء * (يريدون) * بالياء، والظاهر أن ضمير الجمع لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم * (والله يريد الآخرة) * أي يريد لكم ثواب الآخرة أو سبب نيل الآخرة من الطاعة بإعزاز دينه وقمع أعدائه، فالكلام على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وذكر نيل في الاحتمال الثاني قيل: للتوضيح لا لتقدير مضافين، والإرادة هنا بمعنى الرضا، وعبر بذلك للمشاكلة فلا حجة في الآية على عدم وقوع مراد الله تعالى كما يزعمه المعتزلة، وزيادة لكم لأنه المراد، وقرأ سليمان بن جماز المدني * (الآخرة) * بالجر وخرجت على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على جره، وقدره أبو البقاء عرض الآخرة وهو من باب المشاكلة وإلا فلا يحسن لأن أمور الآخرة مستمرة، ولو قيل: إن المضاف المحذوف على القراءة الأولى ذلك لذلك أيضا لم يبعد، وقدر بعضهم هنا كما قدرنا هناك من الثواب أو السبب، ونظير ما ذكر قوله: أكل امرىء تحسبين أمرأ * ونار توقد في الليل نارا في رواية من جرنار الأولى، وأبو الحسن يحمله على العطف على معمولي عاملين مختلفين * (والله عزيز) * يغلب أولياءه على أعدائه * (حكيم) * يعلم ما يليق بكل حال ويخصه بها كما أمر بالإثخان ونهى عن أخذ الفدية حيث كان الإسلام غضا وشوكة أعدائه قوية، وخير بينه وبين المن بقوله تعالى: * (فإمامنا بعد وإما فداء) * (محمد: 4) لما تحولت الحال واستغلظ زرع الإسلام واستقام على سوقه.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»