تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٩ - الصفحة ١٨٨
* (عنكم فئتكم) * جماعتكم التي تجمعونها وتستغيثون بها * (شيئا) * من الاغناء أو المضار * (ولو كثرت) * تلك الفئة وقرىء * (ولن يغني) * بالياء التحتانية لأن تأنيث الفئة غير حقيقي وللفصل ونصب شيئاف على أنه مفعول مطلق أو مفعول به، وجملة ولو كثرت في الموضع الحال * (وأن الله مع المئمنين) * أي ولأن الله تعالى معين المؤمنين كان ذلك أو والأمر أن الله سبحانه معهم، وقرأ الأكثر * (وإن) * بالكسر على الاستئناف، قيل: وهي أوجه من قراءة الفتح لأن الجملة حينئذ تذييل، كأنه قيل: القصد اعلاء أمر المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وكيت وكيت، وإن سنة الله تعالى جارية في نصر المؤمنين وخذلان الكافرين، وهذا وإن أمكن اجراؤه على قراءة الفتح لكن قراءة الكسر نص فيه، ويؤيدها قراءة ابن مسعود * (والله مع المؤمنين) *، وروي عن عطاء. وأبي بن كعب، وإليه ذهب أبو علي الجبائي أن الخطاب للمؤمنين، والمعنى إن تستنصروا فقد جاءكم النصر وإن تنتهوا عن التكاسل والرغبة عما يرغب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو خير لكم من كل شيء لما أنه مدار لسعادة الدارين وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالانكار وتهييج العدو ولن تغني عنكم حينئذ كثرتكم إذ لم يكن الله تعالى معكم بالنصر والأمر ان الله سبحانه مع الكاملين في الإيمان، ويفهم كلام بعضهم أن الخطاب في * (تستفتحوا) * و * (جاءكم) * للمؤمنين، وفيما بعده للمشركين ولا يخفى أنه خلاف الظاهر جدا، وأيد كون الخطاب في الجميع للمؤمنين [بم بقوله تعالى:
* (ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون) *.
* (يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا) * أي تتولوا، وقرىء بتشديد التاء * (عنه) * أي عن الرسول وأعيد الضمير إليه عليه الصلاة والسلام ون المقصود طاعته صلى الله عليه وسلم، وذكر طاعة الله تعالى توطئة لطاعته وهي مستلزمة لطاعة الله تعالى لأنه مبلغ عنه فكان الراجع إليه كالراجع إلى الله تعالى ورسوله وقيل: الضمير للجهاد، وقيل: للأمر الذي دل عليه الطاعة؛ والتولي مجاز، وقوله تعالى: * (وأنتم تسمعون) * جملة حالة واردة لتأكيد وجوب الانتهاء عن التولي مطلقا لا لتقييد النهي عنه بحال السماع: أي لا تتولوا عنه والحال أنكم تسمعون القرآن الناطق بوجوب طاعته والمواعظ الزاجرة عن مخالفته سماع تفهم واذعان، وقد يراد بالسماع التصديق، وقد يبقى الكلام على ظاهره من غير ارتكاب تجوز أصلا، وقوله سبحانه * (ولا تكونوا ك الذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) *.
* (ولا تكونوا) * تقريرا لما قبله أي لا تكونوا بمخالفة الأمر والنهي * (كالذين قالوا سمعنا) * كالكفرة والمنافقين الذين يدعون السماع * (وهم لا يسمعون) * أي سماعا ينتفعون به لأنهم لا يصدقون ما سمعوه ولا يفهمونه حق فهمه والجملة في موضع الحال من ضمير قالوا: والمنفى سماع خاص لكنه أتي به مطلقا للاشارة إلى أنهم نزلوا منزلة من لم يسمع أصلا بجعل سماعهم كالعدم.
* (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) *.
* (إن شر الدواب) * استئناف مسوق لبيان كمال سوء حال المشبه بهم مبالغة في التحذير وتقريرا للنهي أثر تقرير، والدواب جمع دابة، والمراد بها إما المعنى اللغوي أو العرفي أي أن شر من يدب على الأرض أو شر البهائم * (عند الله) * أي في حكمه وقضائه * (الصم) * الذين لا يسمعون الحق * (البكم) * الذين لا ينطقون به، والجمع على المعني، ووصفوا بذلك لأن ما خلق له الحاستان سماع الحق والنطق به وحيث لم يوجد فيهم شيء من ذلك صاروا كأنهم فاقدون لهما رأسا.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»