تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٩ - الصفحة ١٦٢
وأبو الشيخ. والبيهقي في الدلائل. والحاكم وصححه عنه رضي الله تعالى عنه قال: " لما كان يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل قتيلا فله كذا وكذا ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا فاما المشيخة فثبتوا تحت الرايات وأما الشبان فتسارعوا إلى القتل والغنائم فقالت المشيخة للشبان: أشركونا معكم فانا كنا لكم ردءا ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: * (يسألونك عن الأنفال) * الآية فقسم الغنائم بينهم بالسوية " ويشير إلى وقوعه أيضا ما أخرجه أحمد. وعبد بن حميد. وابن جرير. وأبو الشيخ. وابن مردويه. والحاكم. والبيهقي في السنن عن أبي إمامة قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال: فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل فساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله تعالى من أيدينا وجعله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقسمه عليه الصلاة والسلام بين المسلمين عن بواء، ولعل في الباب غير هذه الروايات فكان على الشيخ حيث أنكر وقوع التنفيل أن يطعن فيها بضعف ونحوه ليتم له الغرض.
وما ذكره من حديث سعد بن أبي وقاص فقد أخرجه أحمد. وابن أبي شيبة عنه وهو مع انه وقع فيه سعيد بن العاصي والمحفوظ كما قال: أبو عبيد العاصي بن سعيد مضطرب المتن، فقد أخرج عبد بن حميد. والنحاس. وأبو الشيخ. وابن مردويه عن سعد انه قال: " أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة فإذا فيها سيف فأخذته فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: نفلني هذا السيف فأنا من علمت فقال: رده من حيت أخذته فرجعت به حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه عليه الصلاة والسلام فقلت: أعطنيه فشد لي صوته وقال رده من حيث أخذته فانزل الله تعالى: * (يسألونك عن الأنفال) * ".
فإن هذه الرواية ظاهرة في أن السيف لم يكن سلبا كما هو ظاهر الرواية الأولى بل أن سعدا رضي الله تعالى عنه وجده في الغنيمة وطلبه نفلا على سهمه الشائع فيها. وأخرج النحاس في ناسخه عن سعيد بن جبير أن سعدا ورجلا من الأنصار خرجا يتنفلان فوجدا سيفا ملقى فخرا عليه جميعا فقال سعد: هو لي وقال الأنصاري: هو لي لا أسلمه حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتياه فقصا عليه القصة فقال عليه الصلاة والسلام: ليس لك يا سعد ولا للأنصاري ولكنه لي فنزلت * (يسألونك عن الأنفال) * الآية، ومخالفة هذه الرواية للروايتين السابقتين المختلفتين كما علمت في غاية الظهور فلا يكاد يعول على إحداهما إلا بإثبات أنها الأصح، ولم نقف على أنهم نصوا على تصحيح الرواية التي ذكرها الشيخ فضلا عن النص على الأصحية.
نعم أخرج أحمد. وأبو داود. والترمذي. وصححه والنسائي وابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. وابن مردويه. والحاكم وصححه. والبيهقي في السنن عن سعد المذكور رضي الله تعالى عنه قال: " قلت يا رسول قد شفاني الله تعالى اليوم من المشركين فهب لي هذا السيف قال: إن هذا السيف لا لك ولا لي ضعه فوضعته ثم رجعت فقلت: عسى يعطي هذا السيف اليوم من لا يبلي بلائي إذا رجل يدعوني من ورائي فقلت: قد أنزل في شيء قال عليه الصلاة والسلام: كنت سألتني هذا السيف وليس هو لي وإني قد وهب لي فهو لك وأنزل الله تعالى هذه الآية: * (يسألونك عن الأنفال) * " الخ، فهذه الرواية وإن نص فيها على التصحيح إلا أنه ليست طاهرة في أن السيف كان سلبا له من عمير كما هو نص الرواية الأولى، وإن قلنا: إن هذه الرواية وإن لم تكن موافقة للأولى حذو القذة بالقذة لكنها ليست مخالفة لها، وزيادة الثقة مقبولة سواء كانت في الأول أم في الآخر أم في الوسط،
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»