تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٦١
وقيل آدم عليه السلام ونسله وهو أنسب لمضمون الجواب من حيث شموله للكل الا أن التفخيم المستفاد من كلمة ما لا بد فيه من اعتبار التغليب وقيل وكل والد وولده لقد خلقنا الانسان في كبد أي تعب ومشقة فإنه لا يزال يقاسي فنون الشدائد من وقت نفخ الروح إلى نزعها وما وراءه يقال كبد الرجل كبدا إذا وجعت كبده وأصله كبده إذا أصاب كبده ثم اتسع فيه حتى استمع في كل نصب ومشقة ومنه اشتقت المكابدة كما قيل كبته بمعنى أهلكه وهو تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان يكابده من كفار قريش والضمير في قوله تعالى أيحسب لبعضهم الذي كان عليه الصلاة والسلام يكابد منهم ما يكابد كالوليد بن المغيرة وأضرابه وقيل هو أبو الأشد بن كلدة الجمحي وكان شديد القوة مغترا بقوته وكان يبسط له الأديم العكاظي فيقوم عليه ويقول من أزالني عنه فله كذا فيجذبه عشرة فيتقطع قطعا ولا تزل قدماه اي أيظن هذا القوي المارد المتضعف للمؤمنين أن لن يقدر عليه أحد ان مخففة من أن واسمها الذي هو ضمير الشأن محذوف اي أيحسب أنه لن يقدر على الانتقام منه أحد يقول أهلكت مالا لبدا يريد كثرة ما أنفقه فيما كان أهل الجاهلية يسمونها مكارم ويدعونها معالي ومفاخر أيحسب أن لم يره أحد حين كان ينفق وأنه تعالى لا يسأله عنه ولا يجازيه عليه ألم نجعل له عينين يبصر بهما ولسانا يترجم به عن ضمائره وشفتين يستر بهما فاه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب وغيرها وهديناه النجدين أي طريقي الخير والشر أو الثديين وأصل النجد المكان المرتفع فلا اقتحم العقبة أي فلم يشكر تلك النعم الجليلة بالأعمال الصالحة وعبر عنها
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة