تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ٢٥٣
لمثل من الأمثال القرآنية بعد بيان ان الحكمة في ضربها هو التذكر والاتعاظ بها وتحصيل التقوى والمراد بضرب المثل ههنا تطبيق حالة عجيبة بأخرى مثلها وجعلها مثلها كما مر في سورة يس ومثلا مفعول ثان لضرب ورجلا مفعوله الأول اخر عن الثاني للتشويق اليه وليتصل به ما هو من تتمته التي هي العمدة في التمثيل وفيه ليس بصلة لشركاء كما قيل بل هو خبر له وبيان انه في الأصل كذلك مما لا حاجة اليه والجملة في حيز النصب على انه وصف لرجلا أو الوصف هو الجار والمجرور وشركاء مرتفع به على الفاعلية لاعتماده على الموصوف فالمعنى جعل الله تعالى مثلا للمشرك حسبما يقود اليه مذهبه من ادعاء كل معبوديه عبوديته عبدا يتشارك فيه جماعة يتجاذبونه ويتعاورونه في مهماتهم المتباينة في تحيره وتوزع قلبه «ورجلا» أي وجعل للموحد مثلا رجلا «سلما» أي خالصا «لرجل» فرد ليس لغيره عليه سبيل أصلا وقرئ سلما بفتح السين وكسرها مع سكون اللام والكل مصادر من سلم له كذا أي خلص نعت بها مبالغة أو حذف منها ذو وقرئ سالما وسالم أي وهناك رجل سالم وتخصيص الرجل لأنه أفطن لما يجري عليه من الضر والنفع «هل يستويان مثلا» انكار واستبعاد لاستوائهما ونفي له على أبلغ وجه وآكده وايذان بأن ذلك من الجلاء والظهور بحيث لا يقدر أحد ان يتفوه باستوائهما أو يتلعثم في الحكم بتباينهما ضرورة أن أحدهما في أعلى عليين والاخر في أسفل سافلين وهو السر في ابهام الفاضل والمفضول وانتصاب مثلا على التمييز أي هل يستوي حالاهما وصفتاهما والاقتصار في التمييز على الواحد لبيان الجنس وقرئ مثلين كقوله تعالى أكثر أموالا وأولادا باختلاف النوع أو لان المراد هل يستويان في الوصفين على ان الضمير للمثلين لان التقدير مثل رجل فيه الخ ومثل رجل الخ وقوله تعالى «الحمد لله» تقرير لما قبله من نفي الاستواء بطريق الاعتراض وتنبيه للموحدين على ان مالهم من المزية بتوفيق الله تعالى وانها نعمة جليلة موجبة عليهم ان يداموا على حمده وعبادته أو على ان بيانه تعالى بضرب المثل ان لهم المثل الاعلى وللمشركين مثل السوء صنع جميل ولطف تام منه عز وجل مستوجب لحمده وعبادته وقوله تعالى «بل أكثرهم لا يعلمون» اضراب وانتقال من بيان عدم الاستواء على الوجه المذكور إلى بيان ان أكثر الناس هم المشركون لا يعلمون ذلك مع كمال ظهوره فيبقون في ورطة الشرك والضلال وقوله تعالى «إنك ميت وإنهم ميتون» تمهيد لما يعقبه من الاختصام يوم القيامة وقرئ مائت ومائتون وقيل كانوا يتربصون برسول الله صلى الله عليه وسلم موته أي انكم جميعا بصدد الموت «ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم» أي مالك أموركم «تختصمون» فتحتج أنت عليهم بأنك بلغتهم ما أرسلت به من الاحكام والمواعظ التي من جملتها ما في تضاعيف هذه الآيات واجتهدت في الدعوة إلى الحق حق الاجتهاد وهم قد لجوا في المكابرة والعناد وقيل المراد به الاختصام العام الجاري في الدنيا بين الأنام والأول هو الأظهر الأنسب بقوله
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283