تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٦٨
وإما للقصد إلى إيجاد نفس الفعل كما في قولك فلان يعطى ويمنع أي يفعلون الدعاء إلى الخير والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر «وأولئك» إشارة إلى الأمة المذكورة باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت الفاضلة وكمال تميزهم بذلك عمن عداهم وانتظامهم بسببه في سلك الأمور المشاهدة وما فيه من معنى البعد للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل والإفراد في كاف الخطاب اما لأن المخاطب كل من يصلح للخطاب وأما لأن التعيين غير مقصود أي أولئك الموصوفون بتلك الصفات الكاملة «هم المفلحون» أي هم الأخصاء بكمال الفلاح وهم ضمير فصل يفصل بين الخبر والصفة ويؤكد النسبة ويفيد اختصاص المسند بالمسند إليه أو مبتدأ خبره المفلحون والجملة خبر لأولئك وتعريف المفلحون إما للعهد أو للإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من حقيقة المفلحين روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن خير الناس فقال آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأتقاهم الله وأوصلهم للرحم وعنه عليه السلام من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه وعنه عليه السلام والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله ان يبعث عليكم عذابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم وعن على رضي الله عنه أفضل الجهاد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومن شنأ الفاسقين وغضب لله غضب الله له والأمر بالمعروف في الوجوب والندب تابع للمأمور به وأما النهى عن المنكر فواجب كله فإن جميع ما أنكره الشرع حرام والعاصي يجب عليه النهى عما أرتكبه إذ يجب عليه تركه وإنكاره فلا يسقط بترك أحدهما وجوب شئ منهما والتوبيخ في قوله تعالى أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم إنما هو على نسيان أنفسهم لا على أمرهم بالبر وعن السلف مروا بالخير وإن لم تفعلوا «ولا تكونوا كالذين تفرقوا» هم أهل الكتابين حيث تفرقت اليهود فرقا والنصارى فرقا «واختلفوا» باستخراج التأويلات الزائغة وكتم الآيات الناطقة وتحريفها بما أخلدوا إليه من حطام الدنيا الدنيئة «من بعد ما جاءهم البينات» أي الآيات الواضحة المبينة للحق الموجبة للاتفاق عليه واتحاد الكلمة فالنهي متوجه إلى المتصدين للدعوة أصالة وإلى أعقابهم تبعا ويجوز تعميم الموصول للمختلفين من الأمم السالفة المشار إليهم بقوله عز وجل «وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات» وقيل هم المبتدعة من هذه الأمة وقيل هم الحرورية وعلى كل تقدير فالمنهى عنه انما هو الاختلاف في الأصول دون الفروع الا ان يكون مخالفا للنصوص البينة أو الاجماع لقوله عليه الصلاة والسلام اختلاف أمتي رحمه وقوله عليه السلام من اجتهد فأصاب فله اجران ومن أخطأ فله اجر واحد وأولئك اشاره إلى المذكورين باعتبار اتصافهم بما في حيز الصلة وهو مبتدأ وقوله تعالى «لهم» خبره وقوله تعالى «عذاب عظيم» مرتفع بالظرف على الفاعلية لاعتماده على المبتدأ أو مبتدأ والظرف خبره والجملة خبر للمبتدأ الأول وفيه من التأكيد والمبالغة في وعيد المتفرقين والتشديد في تهديد المشبهين بهم مالا يخفى
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254