تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٦٠
من شعائر ملته عليه السلام إثر بيان كفرهم بكون كل المطعومات حلا له عليه السلام روى أنهم قالوا بيت المقدس أعظم من الكعبة لأنه مهاجر الأنبياء وفي الأرض المقدسة وقال المسلمين بل الكعبة أعظم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت أي أن أول بيت وضع للعبادة وجعل متعبدا لهم والواضع هو الله تعالى ويؤيده القراءة على البناء للفاعل وقوله تعالى «للذي ببكة» خبر لأن وإنما أخبر بالمعرفة مع كون اسمها نكرة لتخصصها بسببين الإضافة والوصف بالجملة بعدها أي للبيت الذي ببكة أي فيها وفي ترك الموصوف من التفخيم مالا يخفى وبكة لغة في مكة فإن العرب تعاقب بين الباء والميم كما في قولهم ضربة لازب ولازم والنميط والنبيط في اسم موضع بالدهناء وقولهم أمر راتب وراتم وسبد رأسه وسمدها واغبطت الحمى وأغمطت وهي علم للبلد الحرام من بكة إذا زحمة لازدحام الناس فيه وعن قتادة يبك الناس بعضهم بعضا أو لأنها تبك أعناق الجبابرة أي تدقها لم يقصدها جبار إلا قصمه الله عز وجل وقيل بكة اسم لبطن مكة وقيل لموضع البيت وقيل للمسجد نفسه ومكة اسم للبلد كله وأيد هذا بأن التباك وهو الازدحام إنما يقع عند الطواف وقيل مكة اسم للمسجد والمطاف وبكة اسم للبلد لقوله تعالى «للذي ببكة مباركا» روى أنه عليه السلام سئل عن أول بيت وضع للناس فقال المسجد الحرام ثم بيت المقدس وسئل كم بينهما فقال أربعون سنة وقيل أول من بناه إبراهيم عليه الصلاة والسلام وقيل آدم عليه السلام وقد استوفينا ما فيه من الأقاويل في سورة البقرة وقيل أول بيت وضع بالشرف لا بالزمان «مباركا» كثير الخير والنفع لما يحصل لمن حجه واعتمره واعتكف دونه وطاف حوله من الثواب وتكفير الذنوب وهو حال من المستكن في الظرف لأن التقدير للذي ببكة هو والعامل فيه ما قدر في الظرف من فعل الاستقرار «وهدى للعالمين» لأنه قبلتهم ومتعبدهم ولأن فيه آيات عجيبة دالة على عظيم قدرته تعالى وبالغ حكمته كما قال «فيه آيات بينات» واضحات كانحراف الطيور عن موازاة البيت على مدى الأعصار ومخالطة ضوارى السباع الصيود في الحرم من غير تعرض لها وقهر الله تعالى لكل جبار قصدة بسوء كأصحاب الفيل والجملة مفسرة للهدى أو حال أخرى «مقام إبراهيم» أي أثر قدميه عليه السلام في الصخرة التي كان عليه السلام يقوم عليها وقت رفع الحجارة لبناء الكعبة عند ارتفاعه أو عند غسل رأسه على ما روى أنه عليه السلام جاء زائرا من الشام إلى مكة فقالت له امرأة إسماعيل عليه السلام أنزل حتى أغسل رأسك فلم ينزل فجاءته بهذا الحجر فوضعته على شقه الإيمن فوضع قدمه عليه حتى غسلت شق رأسه ثم حولته إلى شقة الأيسر حتى غسلت الشق الآخر فبقى اثر قدميه عليه وهو اما مبتدأ حذف خبره أي منها مقام إبراهيم أو بدل من آيات بدل البعض من الكل أو عطف بيان إما وحدة باعتبار كونه بمنزلة آيات كثيرة لظهور شأنه وقوة دلالته على قدرة الله تعالى وعلى نبوة إبراهيم عليه
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254