تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٣٧
المشرفة كالصديق وأصله بالعبرية مشيحا ومعناه المبارك وعيسى معرب من أيشوع والتصدي لاشتقاقهما من المسح والعيس وتعليله بأنه عليه الصلاة والسلام مسح بالبركة أو بما يطهره من الذنوب أو مسحه جبريل عليهما الصلاة والسلام أو مسح الأرض ولم يقم في موضع أو كان عليه الصلاة والسلام يمسح ذا العاهة فيبرأ وبأنه كان في لونه عيس أي بياض يغلوه حمرة من قبيل الرقم على الماء وانما قيل ابن مريم مع كون الخطاب لها تنبيها على أنه يولد من غير أب فلا ينسب الا إلى أمه وبذلك فضلت على نساء العالمين «وجيها في الدنيا والآخرة» الوجيه ذو الجاه وهو القوة والمنعة والشرف وهو حال مقدرة من كلمة فإنها وان كانت نكرة لكنها صالحة لأن ينتصب بها الحال وتذكيرها باعتبار المعنى والوجاهة في الدنيا النبوة والتقدم على الناس وفي الآخرة الشفاعة وعلو الدرجة في الجنة «ومن المقربين» أي من الله عز وجل وقيل هو إشارة إلى رفعه إلى السماء وصحبة الملائكة وهو عطف على الحال الأولى وقد عطف عليه قوله تعالى «ويكلم الناس في المهد وكهلا» أي يكلمهم حال كونه طفلا وكهلا كلام الأنبياء من غير تفاوت والمهد مصدر سمى به ما يمهد للصبي أي يسوي من مضجعه وقيل انه شاربا رفع والمراد وكهلا بعد نزوله وفي ذكر أحواله المختلفة المتنافية إشارة إلى أنه بمعزل من الألوهية «ومن الصالحين» حال أخرى من كلمة معطوفة على الأحوال السالفة أو من الضمير في يكلم «قالت» استئناف مبني على السؤال كأنه قيل فماذا قالت مريم حين قالت لها الملائكة ما قالت فقيل قالت متضرعة إلى ربها «رب أنى يكون» أي كيف يكون أو من أين يكون «لي ولد» على وجه الاستبعاد العادي والتعجب واستعظام قدرة الله عز وجل وقيل على وجه الاستفهام والاستفسار بأنه بالتزوج أو بغيره ويكون إما تامة وأنى واللام متعلقتان بها وتأخير الفاعل عن الجار والمجرور لما مر من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ويجوز أن تتعلق اللام بمحذوف وقع حالا من ولد إذ لو تأخر لكان صفة له وإما ناقصة واسمها ولد وخبرها إما أنى واللام متعلقة بمضمر وقع حالا كما مر أو خبر وأني نصب على الظرفية وقوله تعالى «ولم يمسسني بشر» جملة حالية محققة للاستبعاد أي والحال أنى على حالة منافية للولادة «قال» استئناف كما سلف والقائل هو الله تعالى أو جبريل عليه الصلاة والسلام «كذلك الله يخلق ما يشاء» الكلام في إعرابه كما مر في قصة زكريا بعينه خلا أن إيراد يخلق ههنا مكان يفعل هناك لما أن ولادة العذراء من غير أن يمسها بشر أبدع وأغرب من ولادة عجوز عاقر من شيخ فان فكان الخلق المنبئ عن الاختراع أنسب بهذا المقام من مطلق الفعل ولذلك عقب ببيان كيفيته فقيل «إذا قضى أمرا» من الأمور أي أراد شيئا كما في قوله تعالى «إنما أمره إذا أراد شيئا» واصل القضاء الإحكام أطلق على الإرادة الإلهية القطعية المتعلقة بوجود الشئ لإيجابها إياه
(٣٧)
مفاتيح البحث: الصّلاة (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254