تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٩
الأخيرة فمعناه وليس الذكر كهذه الأنثى في الفضيلة بل أدنى منها وأما على التفسير الأول لها فمعناه تأكيد الاعتذار ببيان أن الذكر ليس كالأنثى في الفضيلة والمزية وصلاحية خدمة المتعبدات فإنهن بمعزل من ذلك فاللام للجنس وقوله تعالى «وإني سميتها مريم» عطف على أني وضعتها أنثى وغرضها من عرضها على علام الغيوب التقرب إليه تعالى واستدعاء العصمة لها فإن مريم في لغتهم بمعنى العابدة قال القرطبي معناه خادم الرب وإظهار أنها غير راجعة عن نيتها وإن كان ما وضعته أنثى وأنها ان لم تكن خليقة بسدانة بيت المقدس فلتكن من العابدات فيه «وإني أعيذها بك» عطف على أني سميتها وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار أي أجيرها بحفظك وقرئ بفتح ياء المتكلم في المواضع التي بعدها همزة مضمومة إلا في موضعين بعهدي أوف آتوني أفرغ «وذريتها» عطف على الضمير وتقديم الجار والمجرور عليه لإبراز كمال العناية به «من الشيطان الرجيم» أي المطرود وأصل الرجم الرمي بالحجارة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد الا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مسه الا مريم وابنها ومعناه ان الشيطان يطمع في إغواء كل مولود بحيث يتأثر منه الا مريم وابنها فإن الله عصمهما ببركة هذه الاستعاذة «فتقبلها» أي أخذ مريم ورضي بها في النذر مكان الذكر «ربها» مالكها ومبلغها إلى كمالها اللائق وفيه من تشريفها مالا يخفى «بقبول حسن» قيل الباء زائدة والقبول مصدر مؤكد للفعل السابق بحذف الزوائد أي تقبلها قبولا حسنا وانما عدل عن الظاهر للإيذان بمقارنة التقبل لكمال الرضا وموافقته للعناية الذاتية فإن صيغة التفعل مشعرة بحسب أصل الوضع بالتكلف وكون الفعل على خلاف طبع الفاعل وان كان المراد بها في حقه تعالى ما يترتب عليه من كمال قوة الفعل وكثرته وقيل القبول ما يقبل به الشيء كالسعوط واللدود لما يسعط به ويلد وهو اختصاصه تعالى إياها بإقامتها مقام الذكر في النذر ولم تقبل قبلها أنثى أو بأن تسلمها من أمها عقيب الولادة قبل أن تنشأ وتصلح للسدانة روى أن حنة حين ولدتها لفتها في خرقة وحملتها إلى المسجد ووضعتها عند الأحبار أبناء هارون وهم في بيت المقدس كالحجبة في الكعبة وقالت لهم دونكم هذه النذيرة فتنافسوا فيها لأنها كانت بنت امامهم وصاحب قربانهم فإن بني ماثان كانت رؤوس بني إسرائيل وملوكهم وقيل لأنهم وجدوا أمرها وأمر عيسى عليه الصلاة والسلام في الكتب الإلهية فقال زكريا عليه الصلاة والسلام انا أحق بها عندي خالتها فأبو الا القرعة وكانوا سبعة وعشرين فانطلقوا إلى نهر فألقوا فيه أقلامهم فطفا قلم زكريا ورسبت أقلامهم فتكفلها وقيل هو مصدر وفيه مضاف مقدر أي فتقبلها بذي قبول أي بأمر ذي قبول حسن وقيل تقبل بمعنى استقبل كتقصى بمعنى استقصى وتعجل بمعنى استعجل أي استقبلها في أول أمرها حين ولدت بقبول حسن «وأنبتها» مجاز عن
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254