تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٥٠
مختلطين وساء كان لهم ميراث أو كانوا محجوبين بالأب «فلأمه السدس» وأما السدس الذي حجبوها عنه فهو للأب عند وجوده ولهم عند عدمه وعليه الجمهور وعند ابن عباس رضي الله عنهما أنه لهم على كل حال خلا أن هذا الحجب عنده لا يتحقق بما دون الثلاث وبالأخوات الخلص وقرئ فلأمه بكسر الهمزة اتباعا لما قبلها «من بعد وصية» خبر مبتدأ محذوف والجملة متعلقة بما تقدم جميعا لا بما يليها وحده أي هذه الأنصباء للورثة من بعد إخراج وصية «يوصي بها» أي الميت وقرئ مبنيا للمفعول مخففا ومبنيا للفاعل مشددا وفائدة الوصف الترغيب في الوصية والندب إليها أو دين عطف على وصيه إلا أنه غير مقيد بما قيدت به من الوصف بل هو مطلق يتناول ما ثبت بالبينة أو الإقرار في الصحة وإيثار أو المفيدة للإباحة على الواو للدلالة على تساويهما في الوجوب وتقدمهما على القسمة مجموعين أو منفردين وتقديم الوصية على الدين ذكرا مع تأخرها عنه حكما لإظهار كمال العناية بتنفيذها لكونها مظنة للتفريط في أدائها ولاطرادها بخلاف الدين «آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا» الخطاب للورثة فآباؤكم مبتدأ وأبناؤكم عطف عليه ولا يدرون خبره وأيهم مبتدأ وأقرب خبره ونفعا نصب على التمييز منه وهو منقول من الفاعلية كأنه قيل أيهم أقرب لكم نفعة والجملة في حيز النصب بلا تدرون والجملة الكبيرة اعتراضية مؤكدة لوجوب تنفيذ الوصية أي أصولكم وفروعكم الذين يتوفون لا تدرون أيهم أنفع لكم أمن يوصى ببعض ماله فيعرضكم لثواب الآخرة بتنفيذ وصيته أم من لا يوصى بشئ فيوفر عليكم عرض الدنيا وليس المراد بنفي الدراية عنهم بيان اشتباه الأمر عليهم وكون أنفعية كل من الأول والثاني في حيز الاحتمال عندهم من غير رجحان أحدهما على الآخر كما في قوله عليه الصلاة والسلام مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره فإن ذلك بمعزل من إفادة التأكيد المذكور والترغيب في تنفيذ الوصية بل تحقيق أنفعية الأول في ضمن التعريض بأن لهم اعتقادا بأنفعية الثاني مبنيا على عدم الدراية وقد أشير إلى ذلك حيث عبر عن الأنفعية بأقربية النفع تذكير المناط زعمهم وتعيينا لمنشأ خطئهم ومبالغة في الترغيب المذكور بتصوير الثواب الآجل بصورة العاجل لما أن الطباع مجبولة على حب الخير الحاضر كأنه قيل لا تدرون أيهم أنفع لكم فتحكمون نظرا إلى ظاهر الحال وقرب المنال بأنفعية الثاني مع ان الأمر بخلافة فإن ثواب الآخرة لتحقق وصوله إلى صاحبه ودوام تمتعه به مع غاية قصر مدة ما بينهما من الحياة الدنيا أقرب وأحضر وعرض الدنيا لسرعة نفاده وفنائه أبعد وأقصى وقيل الخطاب للمورثين والمعنى لا تعلمون من أنفع لكم ممن يرثكم من أصولكم وفروعكم عاجلا وآجلا فتحروا في شأنهم ما أوصاكم الله تعالى به ولا تعمدوا إلى تفضيل بعض وحرمان بعض روى أن أحد المتوالدين إذا كان أرفع درجة من الآخر في الجنة سأل الله تعالى أن يرفع إليه صاحبه فيرفع إليه بشفاعته قيل فالجملة الاعتراضية حينئذ مؤكدة لأمر القسمة وأنت خبير بأنه مشعر بأن مدار الإرث ما ذكر من أقربيه النفع مع أنه العلاقة النسبية «فريضة من الله» نصبت نصب مصدر مؤكد لفعل محذوف أي فرض الله ذلك فرضا أو لقوله تعالى «يوصيكم الله» فإنه في معنى يأمركم ويفرض عليكم «إن الله كان عليما» أي بالمصالح والرتب «حكيما» في كل ما قضى وقدر فيدخل فيه الأحكام المذكورة دخولا أوليا
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254