تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٢١
من المسلمين «حتى يؤمن» والمراد بهن اما ما يعم الكتابيات أيضا حسبما يقتضيه عموم التعليلين الآتيين لقوله تعالى وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله إلى قوله سبحانه عما يشركون فالآية منسوخة بقوله تعالى والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم واما غير الكتابيات فهي ثابتة وروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مرثد بن أبي مرثد الغنوي إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين وكان يهوى امرأة في الجاهلية اسمها عناق فأتته فقالت الا تخلو فقال ويحك ان الاسلام حال بيننا فقال هل لك ان تتزوج بي قال نعم ولكن ارجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأستأمره فنزلت «ولأمة مؤمنة» تعليل للنهي عن مواصلتهن وترغيب في مواصلة المؤمنات صدر بلام الابتداء الشبيهة بلام القسم في إفادة التأكيد مبالغة في الحمل على الانزجار واصل أمة أمو حذفت لامها على غير قياس وعوض منه تاء التأنيث ودليل كون لامها واوا رجعوها في الجمع قال الكلابي * اما الإماء فلا يدعونني ولدا * إذا تداعى بنو الأموات بالعار * وظهورها في المصدر يقال هي أمة بينة الأموة وأقرت له بالأموة وقد وقعت مبتدأ لما فيها من لام الابتداء والوصف أي ولأمة مؤمنة مع ما بها من خساسة الرق وقلة الخطر «خير» بحسب الدين والدنيا «من مشركة» أي امرأة مشركة مع مالها من شرف الحرية ورفعة الشأن «ولو أعجبتكم» قد مر أن كلمة لو في أمثال هذه المواقع ليست لبيان انتفاء الشيء في الماضي لانتفاء غيره فيه فلا يلاحظ لها جواب قد حذف ثقة بدلالة ما قبلها عليه من انصباب المعنى على تقديره بل هي لبيان تحقق ما يفيده الكلام السابق من الحكم على كل حال مفروض من الأحوال المقارنة له على الاجمال بإدخالها على أبعدها منه وأشدها منافاة له ليظهر بثبوته معه ثبوته مع ما عداه من الأحوال بطريق الأولوية لما ان الشيء متى تحقق مع المنافي القوي فلأن يتحقق مع غيره أولى ولذلك لا يذكر معه شيء من سائر الأحوال ويكتفي عنه بذكر الواو العاطفة للجملة على نظيرتها المقابلة لها المتناولة لجميع الأحوال المغايرة لها وهذا معنى قولهم انها لاستقصاء الأحوال على وجه الاجمال كأنه قيل لو لم تعجبكم ولو أعجبتكم والجملة في حيز النصب على الحالية من مشركة إذ المآل ولأمة مؤمنة خير من امرأة مشركة حال عدم إعجابها وحال إعجابها إياكم بجمالها ومالها ونسبها وبغير ذلك من مبادي الاعجاب وموجبات الرغبة فيها أي على كل حال وقد اقتصر على ذكر ما هو أشد منافاة للخيرية تنبيها على أنها حيث تحققت معه فلأن تتحقق مع غيره أولى وقيل الواو حالية وليس بواضح وقيل اعتراضية وليس بسديد والحق انها عاطفة مستتبعة لما ذكر من الاعتبار اللطيف نعم يجوز أن تكون الجملة الأولى مع ما عطف عليها مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها فتدبر «ولا تنكحوا المشركين» من الانكاح والمراد بهم الكفار على الاطلاق لما مر أي لا تزوجوا منهم المؤمنات سواء كن حرائر أو إماء «حتى يؤمنوا» ويتركوا ما هم فيه من الكفر «ولعبد مؤمن» مع ما به من ذل المملوكية «خير من مشرك» مع ماله من عز المالكية «ولو أعجبكم» مما فيه من دواعي الرغبة فيه الراجعة إلى ذاته وصفاته «أولئك» استئناف مقرر لمضمون التعليلين المارين أي أولئك المذكورون من المشركات والمشركين «يدعون» من يقارنهم ويعاشرهم «إلى النار» أي إلى ما يؤدي إليها من الكفر والفسوق فلا بد من الاجتناب عن مقارنتهم ومقاربتهم «والله يدعو» بواسطة عباده
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271