تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢١٥
الجمعة «بغيا بينهم» متعلق بما تعلقت به من أي اختلفوا بغيا وتهالكا على الدنيا «فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه» أي للحق الذي أختلف فيه من أختلف «من الحق» بيان لما وفي إبهامه أولا وتفسيره ثانيا ما لا يخفى من التفخيم «بإذنه» بأمره أو بتيسيره ولطفه «والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم» موصل إلى الحق وهو اعتراض مقرر لمضمون ما سبق «أم حسبتم» خوطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين حثا لهم على الثبات على المصابرة على مخالفة الكفرة وتحمل المشاق من جهتهم إثر بيان اختلاف الأمم على الأنبياء عليهم السلام وقد بين فيه مآل اختلافهم وما لقي الأنبياء ومن معهم من قبلهم من مكابدة الشدائد ومقاساة الهموم وان عاقبة أمرهم النصر وأم منقطعة والهمزة فيها للإنكار والاستبعاد أي بل حسبتم «أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم» من الأنبياء ومن معهم من المؤمنين أي والحال انه لم يأتكم مثلهم بعد ولم تبتلوا بما ابتلوا به من الأحوال الهائلة التي هي مثل في الفظاعة والشدة وهو متوقع ومنتظر «مستهم» استئناف وقع جوابا عما ينساق إليه الذهن كأنه قيل كيف كان مثلهم فقيل مستهم «البأساء» أي الشدة من الخوف والفاقة «والضراء» أي الآلام والأمراض «وزلزلوا» أي أزعجوا إزعاجا شديدا بما دهمهم من الأهوال والإفزاع «حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه» أي انتهى أمرهم من الشدة إلى حيث اضطرهم الضجر إلى أن يقول الرسول وهو أعلم الناس بشؤون الله تعالى وأوثقهم بنصره والمؤمنون المقتدون بآثاره المستضيئون بأنواره «متى» أي متى يأتي «نصر الله» طلبا وتمنيا له واستطالة لمدة الشدة والعناء وقرئ حتى يقول بالرفع على أنه حكاية حال ماضية وهذا كما ترى غاية الغايات القاصية ونهاية النهايات النائية كيف لا والرسل مع علو كعبهم في الثبات والاصطبار حيث عيل صبرهم وبلغوا هذا المبلغ من الضجر والضجيج علم أن الأمر بلغ إلى غاية لا مطمح وراءها «ألا إن نصر الله قريب» على تقدير القول أي فقيل لهم حينئذ ذلك إسعافا لمرامهم بالقرب القرب الزماني وفي إيثار الجملة الاسمية على الفعلية المناسبة لما قبلها وتصديرها بحرف التنبيه والتأكيد من الدلالة على تحقيق مضمونها وتقريره مالا يخفى واختيار حكاية الوعد بالنصر لنا أنها في حكم إنشاء الوعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتصار على حكايتها دون حكاية نفس النصر مع تحققه للإيذان بعدم الحاجة إلى ذلك لاستحالة الخلف ويجوز أن يكون هذا واردا من جهته تعالى عند الحكاية على نهج الاعتراض لا واردا عند وقوع المحكى وفيه رمز إلى أن الوصول إلى جناب القدس لا يتسنى إلا برفض اللذات ومكايدة المشاق كما ينبئ عنه قوله صلى الله عليه وسلم حضت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات «يسألونك
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271