تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
عليكم اعتدوا بمثل ما اعتدى عليكم) وهو فذلكة مقررة لما قبلها «واتقوا الله» في شأن الانتصار واحذروا أن تعتدوا إلى ما لم يرخص لكم «واعلموا أن الله مع المتقين» فيحرسهم ويصلح شؤونهم بالنصر والتمكين «وأنفقوا في سبيل الله» أمر بالجهاد بالمال بعد الأمر به بالأنفس أي ولا تمسكوا كل الامساك «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» بالاسراف وتضييع وجه المعاش أو بالكف عن الغزو والانفاق فيه فإن ذلك مما يقوى العدو ويسلطهم عليكم ويؤيده ما روى عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال لما أعز الله الاسلام وكثر أهله رجعنا إلى أهالينا وأموالنا نقيم فيها ونصلحها فنزلت أو بالامساك وحب المال فإنه يؤدي إلى الهلاك المؤبد ولذلك سمى البخل هلاكا وهو في الأصل انتهاء الشيء في الفساد والالقاء طرح الشيء وتعديته بإلى لتضمنه معنى الانتهاء والباء مزيدة والمراد بالأيدي الأنفس والتهلكة مصدر كالتنصرة والتسترة وهي والهلك والهلاك واحد أي لا توقعوا أنفسكم في الهلاك وقيل معناه لا تجعلوها آخذة بأيديكم أولا تلقوا بأيديكم أنفسكم إليها فحذف المفعول «وأحسنوا» أي اعمالكم وأخلاقكم أو تفضلوا على الفقراء «إن الله يحب المحسنين» أي يريد بهم الخير وقوله تعالى «وأتموا الحج والعمرة لله» بيان لوجوب اتمام افعالهما عند التصدي لأدائهما وارشاد للناس إلى تدارك ما عسى يعتريهم من العوارض المخلة بذلك من الاحصار ونحوه من غير تعرض لحالها في أنفسهما من الوجوب وعدمه كما في قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل فإنه بيان لوجوب مد الصيام إلى الليل من غير تعرض لوجوب أصله وانما هو بقوله تعالى كتب عليكم الصيام الآية كما أن وجوب الحج بقوله تعالى ولله على الناس حج البيت الآية فإن الأمر بإتمام فعل من الأفعال ليس أمرا بأصله ولا مستلزما له أصلا فليس فيه دليل على وجوب العمرة قطعا وادعاء أن الأمر بإتمامهما أمر بإنشائهما تامين كاملين حسبما تقتضيه قراءة وأقيموا الحج والعمرة وأن الأمر للوجوب ما لم يدل على خلافه دليل مما لا سداد له ضرورة أن ليس البيان مقصورا على أفعال الحج المفروض حتى يتصور ذلك بل الحق ان تلك القراءة أيضا محمولة على المشهورة ناطقة بوجوب إقامة افعالهما كما ينبغي من غير تعرض لحالهما في أنفسهما فالمعنى أكملوا أركانهما وشرائطهما وسائر افعالهما المعروفة شرعا لوجه الله تعالى من غير اخلال منكم بشيء منها هذا وقد قيل اتمامهما ان تحرم
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271