الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٨٠
فيقال من ربك من نبيك فيقول لا أدرى كنت أسمع الناس يقولون فيقال له لا دريت ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال انظر إلى منزلك لو ثبت ثم يفتح له باب إلى النار فيقال له انظر إلى منزلك إذ زغت فذلك قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا قال لا إله إلا الله وفى الآخرة قال المسألة في القبر * وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي عاصم في السنة والبزار وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في عذاب القبر بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة فقال يا أيها الناس ان هذه الأمة تبتلى في قبورها فإذا الانسان دفن فتفرق عنه أصحابه جاء ملك في يده مطراق فأقعده قال ما تقول في هذا الرجل فان كان مؤمنا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقول له صدقت ثم يفتح له باب إلى النار فيقول له هذا كان منزلك لو كفرت بربك فاما إذا آمنت فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة فيريد ان ينهض إليه فيقول له أسكن ويفسح له في قبره وان كان كافرا أو منافقا قيل له ما تقول في هذا الرجل فيقول لا أدرى سمعت الناس يقولون شيئا فيقول لا دريت ولا تليت ولا اهتديت ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول هذا منزلك لو آمنت بربك فاما إذا كفرت به فان الله أبدلك منه هذا ويفتح له باب إلى النار ثم يقمعه مقمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلهم غير الثقلين فقال بعض القوم يا رسول الله ما أحد يقوم عليه ملك في يد مطراق الا هبل عند ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت الله الذي آمنوا بالقول الثابت * وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أبي هريرة قال شهدنا جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من دفنها وانصرف الناس قال إنه الآن يسمع خفق نعالكم أتاه منكر ونكير عيناهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي البقر وأصواتهما مثل الرعد فيجلسانه فيسألانه ما كان يعبد ومن نبيه فان كان ممن يعبد الله قال كنت أ عبد الله ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه فذلك قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة فيقال له على اليقين حييت وعليه مت وعليه تبعث ثم يفتح له باب إلى الجنة ويوسع له في حفرته وان كان من أهل الشك قال لا أدرى سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فيقال له على الشك حييت وعليه مت وعليه تبعث ثم يفتح له باب إلى النار ويسلط عليه عقارب وتنانين لو نفخ أحدهم في الدنيا ما أنبتت شيئا تنهشه وتؤمر الأرض فتنضم عليه حتى تختلف أضلاعه * وأخرج ابن أبي شيبة وهناد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والطبراني في الأوسط والحاكم وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ان الميت إذا وضع في قبره انه ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه والزكاة عن يمينه والصوم عن شماله وفعل الخيرات والمعروف والاحسان إلى الناس من قبل رجليه فيؤتى من قبل رأسه فيقول الصلاة ليس قبلي مدخل فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة ليس قبلي مدخل ويؤتى من قبل شماله فيقول الصوم ليس قبلي مدخل ثم يؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات والمعروف والاحسان إلى الناس ليس قبلي مدخل فيقال له اجلس فيجلس وقد مثلت له الشمس قد قربت للغروب فيقال أخبرنا عما نسألك فيقول دعني حتى أصلى فيقال انك ستفعل فأخبرنا عما نسألك فيقول عم تسألوني فيقال له ما تقول في هذا الرجل الذي كان فيكم يعنى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد انه رسول الله جاءنا بالبينات من عند ربنا فصدقنا واتبعنا فيقال له صدقت على هذا حييت وعلى هذا مت وعليه تبعث إن شاء الله ويفسح له في قبره مد بصره فذلك قول الله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة ويقال افتحوا له بابا إلى النار يقال هذا كان منزلك لو عصيت الله فيزداد غبطة وسرورا فيعاد الجسد إلى ما بدا منه من التراب ويجعل روحه في النسيم الطيب وهي طير خضر تعلق في شجر الجنة وأما الكافر فيؤتى في قبره من قبل رأسه فلا يوجد شئ فيؤتى من قبل رجليه فلا يوجد شئ فيجلس خائفا مرعوبا فيقال له ما تقول في هذا الرجل الذي كان فيكم وما تشهد به فلا يهدى لاسمه فيقال محمد صلى الله عليه وسلم فيقول سمعت الناس يقولون شيئا فقلت كما قالوا فيقال له صدقت على هذا حييت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فذلك قوله تعالى ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا فيقال افتحوا له بابا إلى الجنة فيفتح له باب إلى الجنة فيقال هذا كان منزلك وما أعد الله
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست