الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٢٩٠
* وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك إذ عارضنا رجل مترجب يعنى طويلا فدنا من النبي صلى الله عليه وسلم فاخذ بخطام راحلته فقال أنت محمد قال نعم قال انى أريد ان أسألك عن خصال لا يعلمها أحد من أهل الأرض الا رجل أو رجلان فقال سل عما شئت قال يا محمد ما تحت هذه يعنى الأرض قال خلق قال فما تحتهم قال أرض قال فما تحتها قال خلق قال فما تحتهم قال أرض حتى انتهى إلى السابعة قال فما تحت السابعة قال صخرة قال فما تحت الصخرة قال الحوت قال فما تحت الحوت قال الماء قال فما تحت الماء قال الظلمة قال فما تحت الظلمة قال الهواء قال فما تحت الهواء قال الثرى قال فما تحت الثرى ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء فقال انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق أيها السائل ما المسؤول بأعلم من السائل قال صدقت أشهد انك رسول الله يا محمد اما انك لو ادعيت تحت الثرى شيئا لعلمت انك ساحر كذاب أشهد انك رسول الله ثم ولى الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس هل تدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا جبريل * قوله تعالى (وان تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى) * أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يعلم السر وأخفى قال السر ما أسره ابن آدم في نفسه وأخفى ما خفى عن ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه فإنه يعلم ذلك كله فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقى علم واحد وجميع الخلائق عنده في ذلك كنفس واحدة وهو كقوله ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة * وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله يعلم السر وأخفى قال السر ما علمته أنت وأخفى ما قذف الله في قلبك مما لم تعلمه * وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي بلفظ يعلم ما تسر في نفسك ويعلم ما تعمل غدا * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله يعلم السر وأخفى قال أخفى من السر ما حدثت به نفسك وما لم تحدث به نفسك أيضا مما هو كائن * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله يعلم السر وأخفى قال الوسوسة والسر العمل الذي تسرون من الناس * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال السر ما أسر الرجل إلى غيره وأخفى من ذلك ما أسر في نفسه * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في الآية قال السر ما تسر في نفسك وأخفى من السر ما لم يكن بعد وهو كائن * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في الآية قال السر ما حدث به الرجل أهله وأخفى ما تكلمت به في نفسك * وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله يعلم السر وأخفى قال السر ما أسررت في نفسك وأخفى ما لم تحدث به نفسك * وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن زيد بن أسلم في قوله يعلم السر وأخفى قال يعلم أسرار العباد وأخفى سره فلا نعلمه والله أعلم * قوله تعالى (وهل أتاك حديث موسى) * أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله انى آنست نارا أي أحسست نارا أو أجد على النار هدى قال من يهديني * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أو أجد على النار هدى قال من يهديني إلى الطريق وكانوا شاتين فضلوا الطريق * وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله أو أجد على النار هدى يقول من يدل على الطريق * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله أو أجد على النار هدى قال يهديه الطريق * وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله أو أجد على النار هدى قال هاد يهديني إلى الماء * وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن وهب ابن منبه قال لما رأى موسى النار انطلق يسير حتى وقف منها قريبا فإذا هو بنار عظيمة تفور من ورق شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق لا تزداد النار فيما يرى الا عظما وتضرما ولا تزداد الشجرة على شدة الحريق الا خضرة وحسنا فوقف ينظر لا يدرى ما يصنع الا انه قد ظن أنها شجرة تحترق وأوقد إليها موقد فنالها فاحترقت وانه انما يمنع النار شدة خضرتها وكثرة مائها وكثافة ورقها وعظم جذعها فوضع أمرها على هذا فوقف وهو يطمع ان يسقط منها شئ فيقتبسه فلما طال عليه ذلك أهوى إليها بضغث في يده وهو يريد ان يقتبس من لهبها فلما فعل ذلك موسى مالت نحوه كأنها تريده فاستأخر عنها وهاب ثم عاد فطاف بها ولم تزل تطمعه ويطمع بها ثم لم يكن شئ بأوشك من خمودها فاشتد عند ذلك عجبه وفكر موسى في أمرها فقال هي نار ممتنعة
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست