الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٨
فيه كلفة ولهذا أورده في شراب الدنيا فقال * (وأسقيناكم ماء فراتا) * * (لأسقيناهم ماء غدقا) * لأن السقيا في الدنيا لا تخلو من الكلفة أبدا 10 - الاستدراك والاستثناء 5031 شرط كونهما من البديع أن يتضمنا ضربا من المحاسن زائدا على ما يدل عليه المعنى اللغوي مثال الاستدراك * (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) * فإنه لو اقتصر على قوله (لم تؤمنوا) لكان منفرا لهم لأنهم ظنوا الإقرار بالشهادتين من غير اعتقاد إيمانا فأوجبت البلاغة ذكر الاستدراك ليعلم أن الإيمان موافقة القلب اللسان وإن انفرد اللسان بذلك يسمى إسلاما ولا يسمى إيمانا وزاد ذلك إيضاحا بقوله * (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) * فلما تضمن الاستدراك إيضاح ما عليه ظاهر الكلام من الإشكال عد من المحاسن 5032 ومثال الاستثناء * (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) * فإن الإخبار عن هذه المدة بهذه الصيغة يمهد عذر نوح في دعائه على قومه بدعوة أهلكتهم عن آخرهم إذ لو قيل (فلبث فيهم تسعمائة وخمسين عاما) لم يكن فيه من التهويل ما في الأول لأن لفظ (الألف) في الأول أول ما يطرق السمع فيشتغل بها عن سماع بقية الكلام وإذا جاء الاستثناء لم يبق له بعدما تقدمه وقع يزيل ما حصل عنده من ذكر الألف 11 - الاقتصاص 5033 ذكره ابن فارس وهو أن يكون كل كلام في سورة مقتصا من كلام في سورة أخرى أو في تلك السورة كقوله تعالى * (وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) * والآخرة دار ثواب لا عمل فيها فهذا مقتص من قوله * (ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى) * 5034 ومنه * (ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين) * مأخوذ من قوله * (أولئك في العذاب محضرون) *
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»