تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٣٧٥
وأما سفر العصيان، فمختلف فيه بالجواز، والمنع، والقول بالمنع أرجح.
ومسافة سفر الفطر، عند مالك، حيث تقصر الصلاة ثمانية وأربعون (1) ميلا.

(١) يباح للمسافر الفطر في رمضان إذا تحققت الشروط الآتية:
الأول: أن يكون سفره سفر قصر، أي: أن يكون سفرا طويلا، و السفر الطويل: ما كان مرتحلين فأكثر، و هما: سير يومين من غير ليلة على الاعتبار، أو ليلتين بلا يوم كذلك، أو يوم و ليلة مع النزول المعتاد، لنحو استراحة، أو أكل أو صلاة، و أن تكون المرحلتان بسير الأثقال. أي: الحيوانات المثقلة بالأحمال، و البحر كالبر في اشتراط المسافة المذكورة، فلو قطع الأميال فيه في ساعة مثلا لشدة جري السفينة بالهواء، فإنه يبيح له الفطر أيضا، لوجود المسافة الصالحة، و لا يضر قطعها في زمن يسير. فإن قيل: إذا قطع المسافة في لحظة صار مقيما، فكيف يتصور ترخيصه فيها؟
أجيب بأنه لا يلزم من وصول المقصد انتهاه الرخصة.
الشرط الثاني: أن يكون سفره في غير معصية بألا يكون عاصيا بالسفر، وهو الذي أنشأ سفره معصية، و لا عاصيا بالسفر في السفر، وهو الذي أنشأ سفره طاعة ثم قلبه معصية. أما العاصي في السفر، وهو من أنشأ سفره طاعة، و استمر كذلك إلا أنه وقعت منه معصية في أثناء سفره، فيجوز له الفطر، ولم يجوز الشارع الفطر لمن كان سفره في معصية، لأن ذلك يكون إعانة له على المعصية، و لأن جواز الفطر رخصة و الرخصة لا تناط بالمعاصي.
و بناء على هذين الشرطين يمكن أن يقال: إن المسافر الذي كان سفره في غير معصية، و كان سفره سفر قصر يباح له الفطر بالإجماع، لقوله تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) أي: فله الفطر و عليه عدة من أيام أخر، و لما روت السيدة عائشة - رضي الله عنها، أن حمزة بن عمر الأسلمي قال: يا رسول الله أأصوم في السفر؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: " إن شئت فصم، و إن شئت فأفطر ". ثم إن كان المسافر ممن لا يجهده الصوم. أي: لا يتضرر به، فالأفضل له الصوم، لما روى عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال للصائم في السفر: " إن أفطرت فرخصة، وإن صمت فأفضل ". و أنه لو أفطر عرض الصوم للنسيان، و حوادث الأيام، و لأن شهر الصوم له أفضلية و مزية على سائر الأيام. وإن كان المسافر ممن يجهده الصوم، أي: يتضرر به فالأفضل له الفطر، لما روى جابر - رضي الله عنه - أنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في سفر برجل تحت شجرة يرش عليه الماء، فقال (عليه السلام): " ما بال هذا "؟ قالوا: صائم يا رسول الله. قال (عليه السلام): " ليس من البر الصيام في السفر ".
فإن صام المسافر ثم أراد أن يفطر فله أن يفطر، لأن العذر قائم، كما لو صام المريض و أراد أن يفطر.
الشرط الثالث: أن يكون السفر سابقا على الصوم، بأن يكون الشروع فيه سابقا على الشروع في الصوم، كأن يقع السفر بعد الغروب، و قبل الفجر.
أما إذا كان الشروع في الصوم، فيحرم عليه الفطر، و يجب الصوم.
و قال المزني: له أن يفطر، كما لو أصبح الصحيح صائما، ثم مرض. و المذهب الأول، و هو وجوب الصوم و عدم جواز الفطر. دليل ذلك: أنه عبادة اجتمع فيها سفر وحضر، وكل عبادة يجتمع فيها سفر و حضر يغلب جانب الحضر، لأنه الأصل.
و على الأول: لو جامع فيه لزمه الكفارة، لأنه يوم من رمضان هو صائم فيه صوما لا يجوز فيه الفطر.
الشرط الرابع: أن يرجو المسافر إقامة يقضي فيها ما أفطره من أيام سفره، فإن لم يرج إقامة يقتضي فيها ما
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174