التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٥
من طريق المعنى لا من طريق اللفظ وذلك أن الاجتماع في المكان يقتضي الزمان ضرورة وإن كان الموعد اسم زمان فينتصب قوله مكانا على أنه ظرف زمان والتقدير موعدا كائنا في مكان وإن كان الموعد اسم مصدر فينتصب مكانا على أنه مفعول بالمصدر وهو الموعد أو بفعل من معناه ويطابقه قوله يوم الزينة على حذف مضاف تقديره موعدكم وعد يوم الزينة وقرأ الحسن يوم الزينة بالنصب وذلك يطابق أن يكون الموعد اسم مصدر من غير تقدير محذوف * (مكانا سوى) * معناه مستوى في القرب منا ومنكم وقيل معناه مستوى الأرض ليس فيه انخفاض ولا ارتفاع وقرئ بكسر السين وضمها والمعنى متفق * (يوم الزينة) * يوم عيد لهم وقيل يوم عاشوراء * (وأن يحشر) * عطف على الزينة فهو في موضع خفض أو على اليوم فهو في موضع رفع وقصد موسى أن يكون موعدهم عند اجتماع الناس على رؤس الأشهاد لتظهر معجزته ويستبين الحق للناس * (فيسحتكم) * معناه يهلككم يقال سحت وأسحت وقد قرىء بفتح الياء وضمها والمعنى متفق * (قالوا إن هذان لساحران) * قرئ إن هذين بالياء ولا إشكال في ذلك وقرئ بتخفيف إن وهي مخففة من الثقيلة وارتفع بعدها هذان بالابتداء وأما قراءة نافع وغيره بتشديد إن ورفع هذان فقيل إن هنا بمعنى نعم فلا تنصب ومنه ما روي في الحديث أن الحمد لله بالرفع وقيل اسم إن ضمير الأمر والشأن تقديره إن الأمر وهذان لساحران مبتدأ وخبر في موضع خبر إن وقيل جاء القرآن في هذه الآية بلغة بني الحرث بن كعب وهو إبقاء التثنية بالألف حال النصب والخفض وقالت عائشة رضي الله عنها هذا مما لحن فيه كتاب المصحف * (ويذهبا بطريقتكم المثلى) * أي يذهب بسيرتكم الحسنة * (فأجمعوا كيدكم) * أي اعزموا وأنفذوه * (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) * استدل بعضهم بهذه الآية على أن السحر تخييل لا حقيقة وقال بعضهم إن حيلة السحرة في سعي الحبال والعصي هي أنهم حشوها بالزئبق وأوقدوا تحتها نارا وغطوا النار لئلا يراها الناس ثم وضعوا عليها حبالهم وعصيهم وقيل جعلوها للشمس فلما أحس الزئبق بحر النار أو الشمس سال وهو في حشو الحبال والعصي فحملها فتخيل للناس أنها تمشي فألقى موسى عصاه فصارت ثعبانا فابتلعتها " إنما صنعوا كيد
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»