التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٢
واعلم أن اختلاف القراء على نوعين أصول وفرش الحروف فأما الفرش فهو ما لا يرجع إلى أصل مضطرد ولا قانون كلي وهو على وجهين اختلاف في القراءة باختلاف المعنى وباتفاق المعنى وأما الأصول فالاختلاف فيها لا يغير المعنى وهي ترجع إلى ثمان قواعد الأولى الهمزة وهي في حروف المد الثلاث ويزاد فيها على المد الطبيعي بسبب الهمزة والتقاء الساكنين الثانية وأصله التحقيق ثم قد يحقق على سبعة أوجه إبدال واو أو ياء أو ألف وتسهيل بين الهمزة والواو وبين الهمزة والياء وبين الهمزة والألف وإسقاط الثالثة الإدغام والإظهار والأصل الإظهار ثم يحدث الإدغام في المثلين أو المتقاربين وفي كلمة وفي كلمتين وهو نوعان إدغام كبير انفرد به أبو عمرو وهو إدغام المتحرك وإدغام صغير لجميع القراء وهو إدغام الساكن الرابعة الإمالة وهو أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء والأصل الفتح ويوجب الإمالة الكسرة والياء الخامسة الترقيق والتفخيم والحروف على ثلآثة أقسام يفخم في كل حال وهي حروف الاستعلاء السبعة ومفخم تارة ومرقق أخرى وهي الراء واللام والألف فأما الراء فأصلها التفخيم وترقق للكسر والياء وأما اللام فأصلها الترقيق وتفخم لحروف الإطباق وأما الألف فهي تابعة للتفخيم والترقيق لما قبلها والمرقق على كل حال سائر الحروف السادسة الوقف وهو على ثلاثة أنواع سكون جائز في الحركات الثلاثة وروم في المضموم والمكسور وإشمام في المضموم خاصة السابعة مراعاة الخط في الوقف الثامنة إثبات الياءات وحذفها الباب التاسع في الوقف وهي أربعة أنواع وقف تام وحسن وكاف وقبيح وذلك بالنظر إلى الإعراب والمعنى فإن كان الكلام مفتقرا إلى ما بعده في إعرابه أو معناه وما بعده مفتقرا إليه كذلك لم يجز إليه الفصل بين كل معمول وعامله وبين كل ذي خبر وخبره وبين كل ذي جواب وجوابه وبين كل ذي موصول وصلته وإن كان الكلام الأول مستقلا يفهم دون الثاني إلا أن الثاني غير مستقل إلا بما قبله فالوقف على الأول كاف وذلك في التوابع والفضلات كالحال والتمييز والاستثناء وشبه ذلك إلا أن وصل المستثنى المتصل آكد من المنقطع ووصل التوابع والحال إذا كانت أسماء مع ذات آكد من وصلها إذا كانت جملة وإن كان الكلام مستقلا والثاني كذلك فإن كانا في قصة واحدة فالوقف على الأول حسن وإن كانا في قصتين مختلفتين فالوقف تام وقد يختلف الوقف باختلاف الإعراب أو المعنى وكذلك اختلف الناس في كثير من الوقف من أقوالهم فيها راجح ومرجوح وباطل وقد يقف لبيان المراد وإن لم يتم الكلام (تنبيه) هذا الذي ذكرنا من رعى الإعراب والمعنى في المواقف استقر عليه العمل وأخذ به شيوخ المقرئين وكان الأوائل يراعون رؤس الآيات فيقفون عندها لأنها في القرآن كالفقر في النثر والقوافي في الشعر ويؤكد ذلك ما أخرجه الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقطع قراءته يقول الحمد لله رب العالمين ثم يقف الرحمن الرحيم ثم يقف الباب العاشر في الفصاحة والبلاغة وأدوات البيان أما الفصاحة فلها خمسة شروط الأول أن تكون الألفاظ عربية لا مما أحدثه المولدون ولا مما غلطت فيه العامة الثاني أن تكون من الألفاظ المستعملة لا من الوحشية المستثقلة الثالث أن تكون العبارة واقعة على المعنى موفية له لا قاصرة عنه الرابع أن تكون العبارة سهلة سالمة من التعقيد الخامس أن يكون الكلام سالما من الحشو الذي لا يحتاج إليه وأما البلاغة
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»