وفي سبيل الله ما لقيت]! قال: وأبطأ عليه جبريل فقال المشركون: قد ودع محمد، فأنزل الله تبارك وتعالى: " ما ودعك ربك وما قلى ". هذا حديث حسن صحيح. لم يذكر الترمذي: " فلم يقم ليلتين أو ثلاثا " أسقطه الترمذي. وذكره البخاري، وهو أصح ما قيل في ذلك. والله أعلم. وقد ذكره الثعلبي أيضا عن جندب بن سفيان البجلي، قال:
رمي النبي صلى الله عليه وسلم في إصبعه بحجر، فدميت، فقال: [هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت] فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم الليل. فقالت له أم جميل امرأة أبي لهب: ما أرى شيطانك إلا قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث، فنزلت " والضحى ". وروى عن أبي عمران الجوني، قال: أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم حتى شق عليه، فجاء وهو واضع جبهته على الكعبة يدعو، فنكت بين كتفيه، وأنزل عليه: " ما ودعك ربك وما قلى ". وقالت خولة - وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم -: إن جروا دخل البيت، فدخل تحت السرير فمات، فمكث نبي الله صلى الله عليه وسلم أياما لا ينزل عليه الوحي.
فقال: [يا خولة، ما حدث في بيتي؟ ما لجبريل لا يأتيني] قالت خولة فقلت: لو هيأت البيت وكنسته، فأهويت بالمكنسة تحت السرير، فإذا جرو ميت، فأخذته فألقيته خلف الجدار، فجاء نبي الله ترعد لحياه - وكان إذا نزل عليه الوحي استقبلته الرعدة - فقال: [يا خولة دثريني] فأنزل الله هذه السورة. ولما نزل جبريل سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن التأخر فقال: [أما علمت أنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة]. وقيل: لما سألته اليهود عن الروح وذي القرنين وأصحاب الكهف قال: [سأخبركم غدا]. ولم يقل إن شاء الله. فاحتبس عنه الوحي، إلى أن نزل جبريل عليه بقوله: " ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله " (1) [الكهف: 23] فأخبره بما سئل عنه. وفي هذه القصة نزلت " ما ودعك ربك وما قلى ". وقيل: إن المسلمين قالوا: يا رسول الله، مالك لا ينزل عليك الوحي؟ فقال: [وكيف ينزل علي وأنتم لا تنقون رواجبكم - وفي رواية براجمكم (2) - ولا تقصون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم]. فنزل