تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ١٥
الكلم للجرح، وفيه شدة، والكلام ما غلظ من الأرض، وذلك لشدته، الثاني: " ك م ل " لأن الكامل أقوى من الناقص، والثالث: " ل ك م " ومعنى الشدة في اللكم ظاهر، والرابع: " م ك ل " ومنه " بئر مكول " إذا قل مائها، وإذا كان كذلك كان ورودها مكروها فيحصل نوع شدة عند ورودها، الخامس: " م ل ك " يقال " ملكت العجين " إذا أمعنت عجنه فاشتد وقوى، ومنه " ملك الإنسان " لأنه نوع قدرة، و " أملكت الجارية " لأن بعلها يقدر عليها.
المسألة الرابعة: لفظ الكلمة قد يستعمل في اللفظة الواحدة ويراد بها الكلام الكثير الذي قد ارتبط بعضه ببعض كتسميتهم القصيدة بأسرها " كلمة "، ومنها يقال: " كلمة الشهادة "، ويقال: " الكلمة الطيبة صدقة "، ولما كان المجاز أولى من الاشتراك علمنا أن إطلاق لفظ الكلمة على المركب مجاز، وذلك لوجهين، الأول: أن المركب إنما يتركب من المفردات، فإطلاق لفظ الكلمة على الكلام المركب يكون إطلاقا لاسم الجزء على الكل، والثاني: أن الكلام الكثير إذا ارتبط بعضه ببعض حصلت له وحدة فصار شبيها بالمفرد في تلك الوجوه، والمشابهة سبب من أسباب حسن المجاز، فأطلق لفظ الكلمة على الكلام الطويل لهذا السبب.
المسألة الخامسة: لفظ الكلمة جاء في القرآن لمفهومين آخرين: أحدهما: يقال لعيسى كلمة الله، إما لأنه حدث بقوله: " كن " أو لأنه حدث في زمان قليل كما تحدث الكلمة كذلك، والثاني: أنه تعالى سمى أفعاله كلمات، كما قال تعالى في الآية الكريمة: * (قل لو كان البحر مدادا الكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي) * (الكهف: 109) والسبب فيه الوجهان المذكوران فيما تقدم والله أعلم.
المسألة السادسة في القول: هذا التركيب بحسب تقاليبه الستة يدل على الحركة والخفة، فالأول: " ق ول " فمنه القول؛ لأن ذلك أمر سهل على اللسان، الثاني: " ق ل و " ومنه القلو وهو حمار الوحش، وذلك لخفته في الحركة ومنه " قلوت البر والسويق " فهما مقلوان، لأن الشيء إذا قلي جف وخف فكان أسرع إلى الحركة، ومنه القلولي، وهو الخفيف الطائش، والثالث: " وق ل " الوقل الوعل، وذلك لحركته، ويقال " توقل في الجبل " إذا صعد فيه، والرابع: " ول ق " يقال: ولق يلق إذا أسرع، وقرئ * (إذ تلقونه بألسنتكم) * (النور: 15) أي: تخفون وتسرعون، والخامس: " ل وق " كما جاء في الحديث " لا آكل الطعام إلا ما لوق لي " أي: أعملت اليد في تحريكه وتليينه حتى يصلح، ومنه اللوقة وهي الزبدة قيل لها ذلك لخفتها وإسراع حركتها لأنه ليس بها مسكة الجبن والمصل، والسادس: " ل ق و " ومنه اللقوة وهي العقاب، قيل لها ذلك لخفتها وسرعة طيرانها، ومنه اللقوة في الوجه لأن الوجه اضطرب شكله فكأنه خفة فيه وطيش، واللقوة الناقة السريعة اللقاح. جسم
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»