تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٤
سورة الرعد من الآية 40 وحتى الآية 43 40 (وإما نرينك بعض الذي نعدهم) من العذاب قبل وفاتك (أو نتوفينك) قبل ذلك (فإنما عليك البلاغ) ليس عليك إلا ذلك (وعلينا الحساب) الجزاء يوم القيامة 41 قوله تعالى (أو لم يروا) يعني أهل مكة الذين يسألون محمدا صلى الله عليه وسلم الآيات (أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) أكثر المفسرين على أن المراد منه فتح ديار الشرك فإن ما زاد في ديار الإسلام فقد نقص من ديار الشرك يقول (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) فنفتحها لمحمد أرضا بعد أرض حوالي أرضهم أفلا يعتبرون هذا قول ابن عباس وقتادة وجماعة وقال قوم هو خراب الأرض معناه أو لم يروا أنا نأتي الأرض فنخربها ونهلك أهلها أفلا يخافون أن نفعل بهم ذلك وقال مجاهد هو خراب الأرض وقبض أهلها وعن عكرمة قال قبض الناس وعن الشعبي مثله وقال عطاء وجماعة نقصانها موت العلماء وذهاب الفقهاء أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنا مالك عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول \ إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا \ وقال الحسن قال عبد الله بن مسعود موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار وقال ابن مسعود رضي الله عنه عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه ذهاب أهله وقال علي رضي الله عنه إنما مثل الفقهاء كمثل الأكف إذا قطعت كف كف لم تعد وقال سليمان لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الآخر فإذا هلك الأول قبل أن يتعلم الآخر هلك الناس وقيل لسعيد بن جبير ما علامة هلاك الناس قال هلاك علمائهم (والله يحكم لا معقب لحكمه) لا راد لقضائه ولا ناقض لحكمه (وهو سريع الحساب) 42 (وقد مكر الذين من قبلهم) يعني من قبل مشركي مكة والمكر إيصال المكروه إلى الإنسان من حيث لا يشعر (فلله المكر جميعا) أي عند الله جزاء مكرهم وقيل إن الله خالق مكرهم جميعا بيده الخير والشر وإليه النفع والضر فلا يضر أحد أحدا إلا بإذنه (يعلم ما تكسب كل
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»