تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٣٩٨
* (إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيب (6) للرجال نصيب مما ترك الوالدان) * * فغنمت، أعطيكم كذا، فهذا هو القول المعروف.
قوله تعالى: * (وابتلوا اليتامى) يعني: واختبروا اليتامى، ثم منهم من قال: إنما نختبرهم بعد البلوغ، وسماهم يتامى؛ لقرب عهدهم باليتيم، والصحيح أنه أراد به: الاختبار قبل البلوغ، ثم اختلفوا، فأما الفقهاء قالوا: يدفع إليه شيئا يسيرا، ويبعثه إلى السوق، حتى يستام السلعة، ثم إذا آل الأمر إلى العقد يعقد الولي، ومنهم من قال: يعقد الصبي، ويجوز ذلك في الشيء اليسير؛ لأجل الاختبار.
وأما الذي قاله المفسرون: أنه يدفع إليه مالا، ويجعل إليه نفقة البيت، ويختبره فيها، * (حتى إذا بلغوا النكاح) أي: أوان الحلم * (فإن آنستم) أي: أحسستم، ووجدتم * (منهم رشدا) قال مجاهد: عقلا، وقال سفيان الثوري: عقلا وإصلاحا في المال. ومذهب الشافعي: أن الرشد: هو الصلاح في الدين، والإصلاح في المال.
* (فادفعوا إليهم أموالهم) أمر الأولياء بدفع المال إليهم عند البلوغ والرشد. * (ولا تأكلوها إسرافا) أي: لا تأكلوها مسرفين * (وبدارا أن يكبروا) أي: لا تبادروا إلى أكل أموال اليتامى، خوفا من أن يكبروا؛ فيأخذوا أموالهم.
* (ومن كان غنيا فليستعفف) أي: فليستعفف بماله عن مال اليتيم * (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) قال عمر رضي الله عنه إذا كان الولي فقيرا، يأكل من مال اليتيم بقدر الحاجة، وقال أيضا: أنا في هذا المال: كولي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن احتجت أكلت. وإلى هذا ذهب قوم من العلماء، أن له أن يأكل بقدر ما يسد به الخلة، وقال بعضهم: عباءا غليظا، وخبز الشعير، وقال الشعبي وجماعة: يأكل من مال اليتيم على سبيل القرض، وقال مجاهد: لا يأكل أصلا، لا قرضا، ولا غير قرض، قال: والآية منسوخة بقوله تعالى: * (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»