تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٥٥
آوى إليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب رحمة الله عليهن، كان يقسم بينهن سواء لا يفضل بعضهن على بعض، فأرجأ خمسا وآوى أربعا.
وقال مجاهد: يعني تعزل من تشاء منهن بغير طلاق، وترد إليك من تشاء منهن بعد عزلك إياها بلا تجديد مهر وعقد.
وقال ابن عباس: تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء.
وقال الحسن: تترك نكاح من شئت وتنكح من شئت من نساء امتك. قال: وكان النبي (عليه السلام) إذا خطب امرأة لم يكن لرجل أن يخطبها حتى يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يتركها.
وقيل: وتقبل من تشاء من المؤمنات اللاتي يهبن أنفسهن لك، فتؤويها إليك، وتترك من تشاء فلا تقبلها.
روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها كانت تعير النساء اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وقالت: أما تستحي امرأة أن تهب أو تعرض نفسها على رجل بغير صداق، فنزلت هذه الآية، قالت عائشة: فقلت لرسول الله إن ربك ليسارع لك في هواك.
" * (ومن ابتغيت) *) أي طلبت وأردت إصابته " * (ممن عزلت) *) فأصبتها وجامعتها بعد العزل " * (فلا جناح عليك) *) فأباح الله تعالى له بذلك ترك القسم لهن حتى إنه ليؤخر من شاء منهن في وقت نوبتها، فلا يطأها ويطأ من شاء منهن في غير نوبتها، فله أن يرد إلى فراشه من عزلها، فلا حرج عليه فيما فعل تفضيلا له على سائر الرجال وتخفيفا عنه. وقال ابن عباس: يقول: إن من فات من نسائك اللاتي عندك أجرا وخليت سبيلها، فقد أحللت لك، فلا يصلح لك أن تزداد على عدد نسائك اللاتي عندك.
" * (ذلك) *) الذي ذكرت " * (أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن) *) أطيب لأنفسهن وأقل لحزنهن إذا علمن أن ذلك من الله وبأمره، وأن الرخصة جاءت من قبله " * (ويرضين بما آتيتهن) *) من التفضيل والايثار والتسوية " * (كلهن والله يعلم ما في قلوبكم) *) من أمر النساء والميل إلى بعضهن " * (وكان الله عليما حليما) *).
قوله تعالى: " * (لا يحل لك) *) بالتاء أهل البصرة، وغيرهم بالياء " * (النساء من بعد) *) أي من بعد هؤلاء النساء التسع اللاتي خيرتهن فاخترنك لما اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، قصره عليهن، وهذا قول ابن عباس وقتادة. وقال عكرمة والضحاك: لا يحل لك من النساء إلا اللاتي أحللناها لك وهو قوله: " * (إنا أحللنا لك أزواجك...) *) ثم قال: " * (لا يحل لك النساء من بعد) *) التي أحللنا لك بالصفة التي تقدم ذكرها.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»