تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ١٢١
" * (على صراط مستقيم تنزيل) *) قرأ ابن عامر وأهل الكوفة بنصب اللام على المصدر كأنه قال: نزل تنزيلا، وقيل: على الخروج من الوصف، وقرأ الآخرون بالرفع أي هو تنزيل " * (العزيز) *): الشديد المنع على الكافرين " * (الرحيم) *): ب (عباده) وأهل طاعته.
" * (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم) *) في الفترة، وقيل: بما أنذر آباؤهم " * (فهم غافلون) *) عن الإيمان والرشد.
" * (لقد حق القول) *) وجب العذاب " * (على أكثرهم فهم لا يؤمنون إنا جعلنا) *)، نزلت في أبي جهل وأصحابه المخزوميين، وذلك أن أبا جهل كان قد حلف لئن رأى محمدا يصلي ليرضخن برأسه. فأتاه وهو يصلي ومعه حجر ليدمغه فلما رفعه أثبتت يده إلى عنقه ولزق الحجر بيده. فلما عاد إلى أصحابه وأخبرهم بما رأى سقط الحجر، فقال رجل من بني مخزوم: أنا أقتله بهذا الحجر.
فأتاه وهو يصلي ليرميه بالحجر فأعمى الله بصره فجعل يسمع صوته ولا يراه، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه وقالوا له: ما صنعت؟ فقال: ما رأيته، ولقد سمعت صوته وحال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه لو دنوت منه لأكلني، فأنزل الله عز وجل: " * (إنا جعلنا) *).
" * (في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) *): مغلولون، وأصل الإقماح غض البصر ورفع الرأس، يقال: بعير مقمح إذا رفع رأسه وغض بصره، وبعير قامح إذا أروى من الماء فأقمح. قال الشاعر يذكر سفينة كان فيها:
ونحن على جوانبها قعود نغض الطرف كالإبل القماح وقال أبو عبيدة: هذا على طريق المثل، ولم يكن هناك غل، إنما أراد: منعناهم عن الإيمان وعما أرادوا بموانع، فجعل الأغلال مثلا لذلك، وفي الخبر أن أبا ذؤيب كان يهوى امرأة في الجاهلية، فلما أسلم أتته المرأة واسمها أم مالك فراودته عن نفسه، فأبى وأنشد يقول:
فليس كعهد الدار يا أم مالك ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل سوى العدل شيئا فاستراح العواذل أراد منعنا: بموانع الإسلام عن تعاطي الزنا والفسق، وقال عكرمة: " * (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا) *) يعني ظلمات وضلالات كانوا فيها.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»