وعن الشهيد في بعض تحقيقاته تفصيل في هذا المقام، وهو أن الشرط الواقع في العقد اللازم إن كان العقد كافيا في تحققه، ولا يحتاج بعده إلى صيغه فهو لازم لا يجوز الاخلال به كشرط الوكالة في العقد، وإن احتاج بعده إلى أمر آخر وراء ذكره في العقد كشرط العتق فليس بلازم، بل يقلب العقد اللازم جائزا، وجعل السر فيه أن اشتراطه للعقد كاف في تحققه كجزء من الإيجاب والقبول فهو تابع لهما في اللزوم والجواز، واشتراط ما سيوجد أمر منفصل عن العقد، وقد علق عليه العقد والمعلق على الممكن ممكن، وهو معنى قلب اللازم جائزا.
واستحسن هذا التفصيل في المسالك، لكنه اختار القول الأول وهو الأظهر كما عرفت، وهذا التفصيل من حيث الاعتبار بالتقريب الذي ذكره لا يخلو من وجه، لكن قد عرفت في غير موضع ما تقدم أن بناء الأحكام الشرعية على هذه الاعتبارات العقلية مشكل، والقول الأول مطابق لمقتضى النصوص كما عرفت والله العالم.
الثالثة: قد صرح الأصحاب رضي الله عنهم بأنه إذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه، من أي أنواع الخيار كان، والوجه فيه أنه حق مالي قابل للانتقال فيدخل تحت عموم الأخبار الدالة على إرث مثل ذلك، وحينئذ فلو كان الخيار خيار شرط ثبت للوارث في بقية المدة المضروبة، ولو كان غائبا أو حاضرا ولم يبلغه الخبر حتى انقضت مدة الخيار سقط خياره بانقضاء المدة كالمورث.
وإن كان خيار غبن اعتبر فيه الفورية حين بلوغه الخبر وعلمه بالفورية على القول بها وإن طالت المدة.
وإن كان خيار مجلس وكان الوارث حاضرا في مجلس البيع قام مقامه في الخيار وفيه تأمل، لدلالة ظاهر الأخبار على تعلق ذلك بالبيعين الذين أوقعا العقد، وعلى تقدير قيامه مقامه، فهل يقوم مقامه في اعتبار التصرف، أو يبقى الحكم معلقا على المفارقة من الميت أو الوارث وجهان.