الحج خلى سبيله. وحينئذ فيجب بذل المال في الثاني لأنه بسبب الحج دون الأول. وهذا الفرق ليس بشئ، لأن بذل المال للعدو المانع من الميسر إنما وجب لتوقف الواجب عليه، وهذا بعينه آت في صورة الحبس إذا كان يندفع بالمال. وبالجملة فالمتجه تساوي المسألتين في وجوب بذل المال المقدور، لتوقف الواجب عليه سواء كان ذلك قبل التلبس بالاحرام أو بعده. انتهى.
أقول: الظاهر أن الأصل في هذا الحكم الذي ذكره المتقدمون إنما هو ما رواه الكليني في الكافي والشيخ في التهذيب في الموثق عن الفضل بن يونس عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) (1) قال:
(سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما له يوم عرفة قبل أن يعرف، فبعث به إلى مكة فحبسه، فلما كان يوم النحر خلى سبيله، كيف يصنع؟ قال: يلحق فيقف بجمع، ثم ينصرف إلى منى فيرمي ويذبح ويحلق، ولا شئ عليه. قلت: فإن خلى عنه يوم النفر كيف يصنع؟
قال: هذا مصدود عن الحج، إن كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج، فليطف بالبيت أسبوعا، ثم يسعى أسبوعا، ويحلق رأسه، ويذبح شاة، وإن كان دخل مكة مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا حلق) وفي الكافي (ولا شئ عليه) بين قوله: (فليس عليه ذبح) وقوله: (ولا حلق).
وإلى هذا الفرد أشار العلامة في ما قدمنا نقله عنه في آخر المقالة السابقة. وبه يظهر أن المشبه به في كلامهم إنما هو المحبوس بالدين