واشتغالها به لا يزول ذلك إلا بالاتيان به في الحياة أو بعد الموت.
وقولهم -: إن القضاء يحتاج إلى أمر جديد - الظاهر أنه ليس على اطلاقه بل ذلك مخصوص بالواجبات الموقتة، فإن توجه الأمر بالاتيان بالفعل في ذلك الوقت لا يتناول ما بعده من ما خرج عنه الذي هو القضاء، بل لا بد في ايجاب القضاء في الصورة المذكورة من أمر على حدة، وما نحن فيه ليس كذلك، فإن مقتضى النذر اشتغال الذمة بالمنذور مطلقا، وليس في الأخبار ما يدل على اختصاص الخطاب حال الحياة ليكون القضاء بعد الموت يحتاج إلى أمر جديد، وإنما اطلاق الاستقرار واشتغال الذمة اقتضى بقاء ذلك إلى أن تحصل البراءة بالاتيان بالفعل.
وأما ما ذكره أخيرا - من أن النذر إنما تعلق بفعل الحج مباشرة - فيمكن الجواب عنه أيضا بأن النذر اقتضى هنا شيئين: أحدهما - اشتغال الذمة بذلك الفعل المنذور كما قدمنا، والآخر - مباشرة الناذر للاتيان بالفعل، والثاني قد امتنع بالموت فيبقى الأول على حاله حتى يحصل موجب البراءة منه. وهذا الحكم عام في جميع أفراد النذور، ولا ريب أنه الأوفق بالاحتياط في الدين.
ومن ما يؤيد ما قلناه ما سيأتي (1) - إن شاء الله تعالى - من نقل جملة من الروايات الصحيحة في وجوب قضاء حجة النذر في ما إذا نذر أن يحج رجلا (2) وهو كما يحتمل أن يكون المراد يعني: يعطيه مالا يحج به، كما ذكره السيد في ما سيأتي إن شاء الله تعالى - في مسألة من مات وعليه حجة الاسلام وحجة منذورة - من جوابه عن صحيحة ضريس، كذلك يحتمل أن يكون المراد إنما هو أن يمضي بذلك الرجل حتى يوصله المناسك ويأتي بجميع أفعال الحج وهو قائم بمؤنته، بل هذا هو الظاهر من اللفظ، إذ المتبادر من مادة الأفعال هو المباشرة لا السببية،