جامع البيان - إبن جرير الطبري - ج ٣ - الصفحة ٧
وهذه الآية مخرجها في الشفاعة عام والمراد بها خاص. وإنما معناه: من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة لأهل الكفر بالله، لان أهل ولاية الله والايمان به يشفع بعضهم لبعض. وقد بينا صحة ذلك بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وكان قتادة يقول في ذلك بما:
حدثنا به بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في قوله: * (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) * قد علم الله أن ناسا يتحابون في الدنيا، ويشفع بعضهم لبعض، فأما يوم القيامة فلا خلة إلا خلة المتقين.
وأما قوله: * (والكافرون هم الظالمون) * فإنه يعني تعالى ذكره بذلك: والجاحدون لله المكذبون به وبرسله هم الظالمون. يقول: هم الواضعون جحودهم في غير موضعه، والفاعلون غير ما لهم فعله، والقائلون ما ليس لهم قوله.] وقد دللنا على معنى الظلم بشواهده فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته. وفي قوله تعالى ذكره في هذا الموضع:
* (والكافرون هم الظالمون) * دلالة واضحة على صحة ما قلناه، وأن قوله: * (ولا خلة ولا شفاعة) * إنما هو مراد به أهل الكفر، فلذلك أتبع قوله ذلك: * (والكافرون هم الظالمون) * فدل بذلك على أن معنى ذلك: حرمنا الكفار النصرة من الأخلاء، والشفاعة من الأولياء والأقرباء، ولم نكن لهم في فعلنا ذلك بهم ظالمين، إذ كان ذلك جزاء منا لما سلف منهم من الكفر بالله في الدنيا، بل الكافرون هم الظالمون أنفسهم بما أتوا من الأفعال التي أوجبوا لها العقوبة من ربهم.
فإن قال قائل: وكيف صرف الوعيد إلى الكفار والآية مبتدأة بذكر أهل الايمان؟ قيل له: إن الآية قد تقدمها ذكر صنفين من الناس: أحدهما أهل كفر، والآخر أهل إيمان، وذلك قوله: * (ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر) * ثم عقب الله تعالى ذكره الصنفين بما ذكرهم به، يحض أهل الايمان به على ما يقربهم إليه من النفقة في طاعته وفي جهاد أعدائه من أهل الكفر به قبل مجئ اليوم الذي وصف صفته وأخبر فيه عن حال أعدائه من أهل الكفر به، إذ كان قتال أهل الكفر به في معصيته ونفقتهم في الصد عن سبيله، فقال تعالى ذكره: * (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا) * أنتم * (مما رزقناكم) * في طاعتي، إذ كان أهل الكفر بي ينفقون في معصيتي، * (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه) * فيدرك أهل الكفر فيه ابتياع ما فرطوا في ابتياعه في دنياهم، * (ولا خلة) * لهم يومئذ تنصرهم مني، ولا شافع لهم يشفع
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 253 تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 3
2 254 يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم 5
3 255 الله لا إله إلا هو الحي القيوم 8
4 256 لا إكراه في الدين 21
5 257 الله ولي الذين آمنوا 31
6 258 ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه 34
7 259 أو كالذي مر على قرية وهي خاوية 40
8 260 وإذ قال إبراهيم ربي أرني 67
9 261 مثل الذين ينفقون أموالهم 84
10 262 الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله 87
11 263 قول معروف ومغفرة خير 89
12 264 يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا 89
13 265 ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء 95
14 266 أيود أحدكم أن تكون له الجنة 103
15 267 يا أيها الذين آمنوا أنفقوا 111
16 268 الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم 121
17 269 يؤتي الحكمة من يشاء 123
18 270 وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم 126
19 271 إن تبدوا الصدقات فنعما هي 127
20 272 ليس عليكم هداهم 130
21 273 للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله 131
22 274 الذين ينفقون أموالهم بالليل 138
23 275 الذين يأكلون الربا لا يقومون 139
24 276 يمحق الله الربا ويربي الصدقات 144
25 277 إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات 145
26 278 يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله 146
27 279 فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب الله 147
28 280 وإن كان ذو عسرة فنظرة 150
29 281 واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله 156
30 282 يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين 158
31 283 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا 187
32 284 لله ما في السماوات وما في الأرض 192
33 285 أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه 205
34 286 لا يكيف الله نفسا إلا وسعها 208
35 تفسير سورة آل عمران 1 ألم 219
36 2 الله لا إله إلا هو الحي القيوم 219
37 3 نزل عليك الكتاب بالحق 225
38 4 من قبل هدى للناس 225
39 5 إن الله لا يخفي عليه شئ 228
40 6 هو الذي يصوركم في الأرحام 229
41 7 هو الذي أنزل عليك الكتاب 231
42 8 ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا 254
43 9 ربنا إنك جامع الناس ليوم 257
44 10 إن الذين كفروا لن تغني عنهم 258
45 11 كدأب آل فرعون 258
46 12 قل للذين كفروا ستغلبون 260
47 13 قد كان لكم آية في فئتين التقتا 262
48 14 زين للناس حب الشهوات 270
49 15 قل أؤنبئكم بخير من ذلكم؟ 279
50 16 الذين يقولون ربنا إننا آمنا 281
51 17 الصابرين والصادقين والقانتين 282
52 18 شهد الله أنه لا إله إلا هو 284
53 19 إن الدين عند الله الإسلام 287
54 20 فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله 290
55 21 إن الذين يكفرون بآيات الله 292
56 22 أولئك الذين حبطت أعمالهم 292
57 23 ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا 295
58 24 ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار 297
59 25 فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه 298
60 26 قل اللهم مالك الموت 299
61 27 تولج الليل في النهار 302
62 28 لا يتخذ المؤمنين الكافرون أولياء 309
63 29 قل إن تخفوا ما في صدوركم 312
64 30 يوم تجد كل نفس ما عملت 313
65 31 قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني 314
66 32 قل أطيعوا الله والرسول 316
67 33 إن الله اصطفى آدم ونوحا 317
68 34 ذرية بعضها من بعض 318
69 35 إذ قالت امرأة فرعون 318
70 36 فلما وضعتها قالت رب 322
71 37 فتقبلها ربها بقبول حسن 327
72 38 هنا لك دعا زكريا ربه 336
73 39 فنادته الملائكة وهو قائم يصلي 338
74 40 قال ربي أنى يكون لي غلام 349
75 41 قال رب اجعل لي آية 351
76 42 وإذ قالت الملائكة يا مريم 356
77 43 يا مريم اقنتي لربك 360
78 44 ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك 362
79 45 إذ قالت الملائكة يا مريم 366
80 46 ويكلم الناس في المهد وكهلا 369
81 47 قالت أنى يكون لي ولد 372
82 48 ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة 372
83 49 ورسولا إلى بني إسرائيل 374
84 50 ومصدقا لما بين يدي من التوراة 383
85 51 إن الله ربي وربكم فاعبدوه 383
86 52 فلما أحس عيسى منهم الكفر 386
87 53 ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول 392
88 54 ومكروا ومكر الله 392
89 55 إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك 393
90 56 فأما الذين كفروا فأعذبهم 399
91 57 وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات 399
92 58 ذلك نتلوه من الآيات والذكر 400
93 59 إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم 401
94 60 ألحق من ربك ولا تكن من الممترين 403
95 61 فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك 404
96 62 إن هذا لهو قصص الحق 406
97 63 فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين 406
98 64 قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة 410
99 65 يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم 414
100 66 ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم 415
101 67 ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا 416
102 68 إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه 418
103 69 ودت طائفة من أهل الكتاب 419
104 70 يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله 420
105 71 يا أيها الكتاب لم تلبسون الحق 421
106 72 وقالت طائفة من أهل الكتاب 422
107 73 ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم 425
108 74 يختص برحمته من يشاء 429
109 75 ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار 430
110 76 بل من أوفى بعهده وأتقى 434
111 77 إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم 434
112 78 وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم 438
113 79 ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب 440
114 80 ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة 446
115 81 وإذ أخذ الله ميثاق النبيين 447
116 82 فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون 454
117 83 أفغير دين الله يبغون 455
118 84 قل آمنا بالله وما أنزل علينا 458
119 85 ومن يبتغ غير الإسلام دينا 459
120 86 كيف يهدى الله قوما كفروا 460
121 87 أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله 460
122 88 خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب 460
123 89 إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا 460
124 90 إن الذين كفروا بعد إيمانهم 463
125 91 إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار 467
126 92 لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون 468