تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٤٧٥
* (ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين) * [آية: 31]. ثم قالت: إن يكن هذا الملك يقاتل على الدنيا، فإنا نمده بما أراد من الدنيا، وإن كان يقاتل لربه. فإنه لا يطلب الدنيا، ولا يريدها، ولا يقبل منا شيئا غير الإسلام.
ثم استشارتهم ف * (قالت يا أيها الملؤا) * يعنى الأشراف، وهم: ثلاث مائة، وثلاثة عشر قائدا، مع كل مائة ألف، وهم أهل مشورتها، فقالت لهم * (أفتوني في أمري) * من هذا * (ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون) * [آية: 32] تقول: ما كنت قاضية أمرا حتى تحضرون.
* (قالوا) * لها: * (نحن أولوا قوة) * يعنى عدة كثيرة في الرجال كقوله: * (فأعينوني بقوة) * [الكهف: 95]، يعنى بالرجال * (وأولوا بأس شديد) * في الحرب، يعنى الشجاعة * (والأمر إليك) * يقول: قد أخبرناك بما عندنا وما نجاوز ما تقولين، * (فانظري ماذا تأمرين) * [آية: 33] يعنى ماذا تشيرين علينا، كقول فرعون لقومه: * (فماذا تأمرون) * [الشعراء:
35] يعنى ماذا تشيرون علي.
* (قالت إن الملوك إذا ادخلوا قرية أفسدوها) * يعن أهلكوها، كقوله عز وجل:
* (لفسدت السماوات والأرض) * يعنى لهلكتها ومن فيهن، ثم قال: * (وجعلوا أعزة أهلها أذلة) * يعنى أهانوا أشرافها وكبراءها لكي يستقيم لهم الأمر، يقول الله عز وجل:
* (وكذلك يفعلون) * [آية: 34] كما قالت.
ثم قالت المرأة لأهل مشورتها: * (وإني مرسلة إليهم بهدية) * أصانعهم على ملكي إن كانوا أهل دنيا، * (فناظرة بم يرجع المرسلون) * [آية: 35] من عنده بالجواب، فأرسلت بالهدية مع الوفد عليهم المنذر بن عمر، والهدية مائة وصيف، ومائة وصيفة، وجعلت للجارية قصة أمامها، وقصة مؤخرها، وجعلت للغلام قصة أمامه، وذؤابة وسط رأسه، وألبستهم لباسا واحدا، وبعثت بحقة فيها جوهرتان إحدهما مثقوبة والأخرى غير مثقوبة. وقالت للوفد: إن كان نبيا، فسيميز بين الجواري والغلمان ويخبر بما في الحقة، ويرد الهدية فلا يقبلها، وإن كان ملكا فسيقبل الهدية ولا يعلم ما في الحقة، فلما انتهت الهدية إلى سليمان، عليه السلام، ميز بين الوصفاء والوصائف من قبل الوضوء، وذلك أنه
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»