تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٤١٢
ففي هذه الآية عبرة لجميع المسلمين إذا كانت بينهم خطيئة، فمن أعلن عليها بفعل، أو كلام، أو عرض، أو أعجبه ذلك، أو رضى ربه، فهو شريك في تلك الخطيئة على قدر ما كان بينهم، والذي تولى كبره، يعنى الذي ولى الخطيئة بنفسه، فهو أعظم إثما عند الله، عز وجل وهو المأخوذ به، قال: فإذا كانت خطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره، فهو مثل الغائب، ومن غاب ورضى فهو كمن شهد، ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة، رضي الله عنها، فقال: * (لولا إذ سمعتموه) * يقول: هلا إذ سمعتم قذف عائشة، رضي الله عنها، بصفوان كذبتم به ألا * (ظن المؤمنون والمؤمنات) * لأن فيهم حمنة بنت جحش * (بأنفسهم خيرا) * يقول: ألا ظن بعضهم ببعض خيرا بأنهم لم يزنوا * (و) * ألا * (وقالوا هذا إفك مبين) * [آية: 12] يقول: ألا قالوا هذا القذف كذب بين، ثم ذكر الذين قذفوا عائشة، فقال: * (لولا) * يعنى هلا * (جاءو عليه) * يعنى على القذف * (بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء) *: بأربعة شهداء * (فأولئك عند الله هم الكذبون) * [آية: 13] في قولهم، يعنى الذين قذفوا عائشة، رحمها الله، ثم قال: * (ولولا فضل الله عليكم ورحمته) * يعنى ونعمته * (في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم) * [آية: 14] يقول:
لأصابكم فيما قلتم من القذف العقوبة في الدنيا والآخرة، فيها تقديم * (إذ تلقونه بألسنتكم) * يقول: إذا يرونه بعضكم عن بعض * (وتقولون بأفواهكم) * يعنى بألسنتكم * (ما ليس لكم به علم) * يقول: من غير أن تعلموا أن الذي قلتم من القذف حق * (وتحسبونه هينا) * يقول: تحسبون القذف ذنبا هينا * (وهو عند الله عظيم) * [آية: 15] في الوزر، ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة، رضي الله عنها، فقال سبحانه:
* (ولولا) * يعنى هلا * (إذ سمعتموه) * يعنى القذف * (قلتم ما يكون لنا) * يعنى ما ينبغي لنا * (أن نتكلم بهذا) * الأمر هلا قلتم مثل ما قال سعد بن معاذ، رضي الله عنه، وذلك أن سعدا لما سمع القول في أمر عائشة، قال: سبحانك هذا بهتان عظيم.
ثم قال عز وجل: ألا قلتم * (سبحانك) * يعنى ألا نزهتم الرب جل جلاله عن أن يعصى وقلتم * (هذا) * القول * (بهتن عظيم) * [آية: 16] لشدة قولهم، والبهتان الذي يبهت، فيقول ما لم يكن من قذف أو غيره، ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة رضي
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»