تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٢٦٣
* (وما منعنا أن نرسل بالأيت) * مع محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، والحارث بن هشام بن المغيرة المخزومين، سألا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم الله الآيات كما فعل بالقرون الأولى، وسؤالهما النبي صلى الله عليه وسلم أنهما قالا في هذه السورة: * (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا) * إلى آخر الآيات، فأنزل الله عز وجل:
* (وما منعنا أن نرسل بالأيت) * إلى قومك كما سألوا، * (إلا أن كذب بها الأولون) *، يعنى الأمم الخالية، فعذبتهم، ولو جئتهم بآية فردوها وكذبوا بها أهلكناهم، كما فعلنا بالقرآن الأولى، فلذلك أخرنا الآيات عنهم، ثم قال سبحانه: * (وآتينا) *، يعنى وأعطينا، * (ثمود الناقة مصرة) *، يعنى معاينة يبصرونها، * (فظلموا بها) *، يعنى فجحدوا بها أنها ليست من الله عز وجل، ثم عقروها، ثم قال عز وجل: * (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) * [آية: 59] للناس، فإن لم يؤمنوا بها عذبوا في الدنيا.
* (وإذ) *، يعنى وقد * (قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) *، يعنى حين أحاط علمه بأهل مكة أن يفتحها على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال سبحانه: * (وما جعلنا الرءيا التي أريناك إلا فتنة للناس) *، يعنى الإسراء ليلة أسرى به إلى بيت المقدس، فكانت لأهل مكة فتنة، ثم قال سبحانه: * (والشجرة الملعونة في القرآن) *، يعنى شجرة الزقوم، ثم قال سبحانه:
* (ويخوفهم) * بها، يعنى بالنار والزقوم، * (فما يزيدهم) * التخويف، * (إلا طغيانا) *، يعنى إلا ضلالا، * (كبيرا) * [آية: 60]، يعنى شديدا، وقال أيضا في الصفات لقولهم الزقوم التمر والزبد: * (إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين) * [الصفات: 64، 65]، ولا يشبه طلع النخل.
وذلك أن الله عز وجل ذكر شجرة الزقوم في القرآن، فقال أبو جهل: يا معشر قريش، إن محمد يخوفكم بشجرة الزقوم، ألستم تعلمون أن النار تحرق الشجر، ومحمد يزعم أن النار تنبت الشجرة، فهل تدورن ما الزقوم؟ فقال عبد الله بن الزبعري السهمي:
إن الزقوم بلسان بربر: التمر والزبد، قال أبو الجهل: يا جارية، ابغنا تمرا، فجاءته، فقال لقريش وهم حوله: تزقموا من هذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد، فأنزل الله تبارك وتعالى: * (ويخوفهم فما يزيدهم إلا طغينا كبيرا) *، يعنى شديدا.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»