مثلا جاز له الرجوع إلى القصر ما لم يتجاوز محل العدول ولا يتعين عليه المضي على الاتمام، وكذا لو نوى القصر جاز له العدول إلى التمام ما لم يسلم على الركعتين مستصحبا للنية الأولى، وإلا فلو كان المراد الاتيان بأيهما كيف اتفق كما يفهم من ظاهر العبارة لأشكل ذلك في ما لو دخل بنية الاتمام ثم سلم على الركعتين ساهيا أو دخل بنية القصر ثم صلى الركعتين الأخيرتين ساهيا، فإن الحكم بالصحة بناء على أنه مخير في الاتيان بهما وقد أتى بأحدهما مشكل، لأن الظاهر أن المكلف وإن كان مخيرا بين الفردين إلا أنه باختياره أحدهما وقصده الامتثال به من غير عدول عنه في محل العدول يتعين في حقه وتترتب عليه أحكامه من الابطال بزيادة ما تكون زيادته مبطلة ونقصان ما نقصانه مبطل، وإلا لزم الحكم بالصحة بناء على استحباب التسليم في ما لو صلى بنية التمام ثلاث ركعات ثم سلم على الثالثة ساهيا، فإنه قد أوجد الصلاة المقصورة في ضمن هذه الثلاث ركعات وإن كانت غير مقصودة فتكون مجزئة، بل ولو سلم عامدا أو أحدث والحال هذه بعد اتمام الركعتين الأخيرتين أو فعل ما يبطلهما بعد ذلك فإنه تكون صلاته صحيحة باعتبار اشتمالها على الصلاة المقصورة في الجملة، والحكم بالصحة في أمثال ذلك خارج عن مقتضى القواعد والأصول المقررة.
وبذلك يظهر لك ما في كلام المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد حيث قال: الظاهر أنه لو نوى القصر ثم تممها نسيانا أو عمدا مع النقل تصح الصلاة وبالعكس. انتهى.
والظاهر أن مراده بالعكس ما لو نوى التمام ثم سلم على الركعتين الأولتين ساهيا أو أحدث بعد التشهد أو فعل غيره من المبطلات فإنه تكون صلاته صحيحة.
ومرجع كلامه إلى اجزاء الاتيان بأحد الفردين واقعا وإن لم يكن مقصودا ولا مرادا له حال دخوله في الصلاة إلى الفراغ منها، وبطلانه أظهر من أن يذكر فإن العبادات تابعة للقصود والنيات ولكل من أفرادها أحكام خاصة مبنية على ذلك كما لا يخفى