فبهذا الاعتبار يحصل نوع شك في صحة الاستناد إلى الأمر المذكور فيحصل الشك في المسألة حتى يفتح الله ويسهل طريق معرفتها. انتهى. وهو جيد، وإلى ذلك أيضا يميل كلام شيخنا المجلسي (قدس سره) في كتاب البحار.
والظاهر عندي هو العدم وإن كان ظاهر كلاميهما (طاب ثراهما) إنما هو التوقف والاستشكال لعدم وقوفهم على دليل صريح في ثبوت هذا الحكم وعدمه في هذا المجال، مع أنه قد روى الشيخ في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال:
" سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها؟
قال هل برئت من مرضها؟ قلت لا ماتت فيه. قال لا يقضي عنها فإن الله لم يجعله عليها. قلت فإني أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك؟ قال فكيف تقضي شيئا لم يجعله الله عليها ".
(فإن قيل) إن مورد الرواية مخصوص بالصوم فلا يتعدى إلى غيره إلا بدليل (قلنا) موضع الاستدلال في الخبر إنما هو قوله عليه السلام في الجواب بعد نهيه عن القضاء في الصورة المذكورة المؤذن بالتحريم وتعليله التحريم بأن الله لم يجعله عليها المؤذن بأن القضاء كائنا ما كان إنما يكون لما ثبت في الذمة واشتغلت به وكان مخاطبا به من قبله سبحانه، ثم تأكيد ذلك بعد مراجعة السائل بالاستفهام الانكاري بقوله (عليه السلام) " فكيف تقضي شيئا لم يجعله الله عليها ".
وبالجملة فإن هذا الخبر كما ترى ظاهر الدلالة واضح المقالة في أن القضاء عن الغير لا يشرع إلا مع استقرار الأداء في ذمته، مضافا إلى ما عرفت في كلام الفاضل المتقدم من أن العبادات مبنية على التوقيف ثبوتا وعدما والثابت هنا بموجب هذا الخبر إنما هو العدم. ولم أقف على من تنبه للاستدلال بالخبر المذكور في هذا المقام مع أنه كما ترى واضح الدلالة في ما ادعيناه، ولا معارض له في البين إلا حكاية صفوان المذكورة، ومن الظاهر قصورها عن المعارضة من جهات عديدة. والله العالم.