فإن فيه من المجازفة في المقام التي لا تليق من مثله من الأعلام ما لا يخفى على ذوي الأفهام، وذلك فإن الناظر في كلامه القاصر عن تتبع الأخبار لحسن الظن به يظن أنه لا مستند لهذا القول إلا هذه الرواية مع أن الروايات كما رأيت به متكاثرة والأخبار به متظافرة فيها الصحيح باصطلاحه وغيره، ولا ريب أن الواجب في مقام التحقيق هو استقصاء أدلة القول والجواب عنها متى اختار خلافه ولكن هذه عادته (قدس سره) في غير موضع كما تقدمت الإشارة إليه.
ثم إنه لا يخفى أن هذه الأخبار قد اشتركت في كون التمام بمجرد الوصول إلى الأملاك المذكورة من غير تقييد بشئ من نية إقامة أو استيطان ستة أشهر سابقا كما هو ظاهر سياقها.
نعم في حديث عمران بن محمد اشكال من وجه آخر حيث إن ظاهره وجوب التقصير في خمسة فراسخ مع العلم بانقطاع السفر على رأسها، فإن السفر قد انقطع بالوصول إلى الضيعة التي قصدها لايجابه عليه السلام الاتمام فيها، وربما كان فيه دلالة على مذهب من قال بالتخيير في أربعة فراسخ. إلا أنك قد عرفت أنه قول مرغوب عنه لدلالة الروايات الصحيحة على ضعفه، والخبر المذكور مشكل لا يحضرني الآن وجه الجواب عنه.
وأما ما ذكره المحدث الكاشاني في الوافي من حمله على التخيير - حيث إنه حمل الأخبار الدالة على الاتمام بمجرد وصول الملك على التخيير وجعل هذا جوابا عن الاشكال المذكور - فلا يخفى ما فيه، لأن التخيير الذي احتمله في تلك الأخبار إنما هو في الملك بعد تحقق السفر سابقا، لأن الأخبار اختلفت في حكم الوصول إلى الملك بعد تحقق السفر وأنه هل يكون قاطعا للسفر أم لا؟ والاشكال هنا إنما هو في حكمه عليه السلام بالتقصير في الطريق مع انقطاع السفر بالوصول إلى الملك، وهو هنا ليس بمسافر السفر الموجب للتقصير إلا على قول من يقول بالتخيير في مجرد قصد الأربعة وهو لا يقول به، وحمله على ما لا يقول به غير جيد كما هو ظاهر. وبالجملة