ورواية محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) (1) قال: " سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما وهو يصلي؟ فقال لا يؤذنه حتى ينصرف " وهي صريحة في المطلوب خالية عن جهات العيوب.
ورواية عبد الله بن بكير المروية في كتاب قرب الإسناد (2) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلى فيه وهو لا يصلي فيه؟ فقال لا يعلمه.
قلت فإن أعلمه؟ قال يعيد ".
والمستفاد من هذه الأخبار كراهية الأخبار فضلا عن جوازه فكيف الوجوب وله مؤيدات كثيرة من الأخبار.
إذا عرفت ذلك فنقول بالنسبة إلى أصل المسألة وما وقع فيها من القولين بجواز الاقتداء والمنع أن الظاهر أن القول بالمنع هنا مبني على مسألة أخرى وهي أن من صلى في النجاسة جاهلا بها فهل تكون صلاته والحال هذه صحيحة أم لا؟ المشهور الثاني وإن كان غير معاقب ولا مؤاخذ من حيث الجهل، وهو يرجع إلى أن تكون صحيحة ظاهرا باطلة واقعا، والظاهر أنه على هذا القول يتجه المنع من الائتمام بمن كان بدنه أو ثوبه نجسا والانفراد في الأثناء كما ذكره المجيب المتقدم لتبين بطلان الصلاة عند المأموم وإن كانت صحيحة ظاهرا عند الإمام لمكان جهله، وحينئذ فيتجه عدم جواز الاقتداء ووجوب الانفراد في الأثناء.
إلا أن الظاهر عندي في هذه المسألة إنما هو القول الأول (أما أولا) - فلما تقدم تحقيقه في كتاب الطهارة من أن الحكم بالطهارة والنجاسة والحل والحرمة ونحوها ليس منوطا بالواقع ونفس الأمر وإنما ترتب على نظر المكلف وعلمه وعدم علمه، فالطاهر شرعا هو ما لا يعلم المكلف بملاقاة النجاسة له وإن لاقته واقعا لا ما لم تلاقه النجاسة واقعا، ويقابله النجس وهو ما علم المكلف بملاقاة النجاسة له لا ما لاقته النجاسة وإن لم يعلم بها. وحينئذ فإذا صلى